(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِائَةَ دِينَارٍ فَوَجَدَهَا قَدْ سُرِقَتْ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بِعْ السِّلْعَةَ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ لِي، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْك؛ لِأَنَّك أَنْتَ ضَيَّعْت، وَقَالَ الْمُقَارِضُ بَلْ عَلَيْك وَفَاءُ حَقِّ هَذَا إنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِك الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إلَى الْبَائِعِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْقِرَاضُ إنْ شِئْت فَأَدِّ الْمِائَةَ الدِّينَارِ إلَى الْمُقَارِضِ، وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا وَتَكُونُ قِرَاضًا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى، وَإِنْ شِئْت فَابْرَأْ مِنْ السِّلْعَةِ، فَإِنْ دَفَعَ الْمِائَةَ دِينَارٍ إلَى الْعَامِلِ كَانَتْ قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَبَى كَانَتْ السِّلْعَةُ لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَكُونُ دَعْوَى صَاحِبِ الْمَالِ يُشْبِهُ، وَالرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْبِهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَامِلُ مَا يُشْبِهُ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ مَا لَا يُشْبِهُ أَوْ ادَّعَيَا جَمِيعًا مَا يُشْبِهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رِبْحِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ مَا يُشْبِهُ دُونَ الْعَامِلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَهِدَ لَهُ، وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْبِهُ رُدَّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ، فَإِنْ جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ لَمْ يُصَدَّقْ وَرُدَّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ قَالَا إنَّ الرِّبْحَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّيَا لِمَنْ الثُّلُثَانِ حِينَ الْعَقْدِ، ثُمَّ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قِرَاضُ مِثْلِهِمَا يُشْبِهُ مَا يَدَّعِيهِ الْعَامِلُ أَوْ مَا يَدَّعِيَانِ جَمِيعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَغَارِبَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ جُعِلَ الثُّلُثُ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ لَهُ الْيَدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِضَى رَبِّ الْمَالِ بِذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ رِضَاهُ إلَّا بِالثُّلُثِ فَالْبَاقِي ثَابِتٌ عَلَى مِلْكِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ رَبُّ الْمَالِ يُشْبِهُ قِرَاضَ الْمِثْلِ دُونَ مَا يَدَّعِيهِ الْعَامِلُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْبَيِّنَةَ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَكُونُ لَهُ الثُّلُثَانِ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْبِهُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَحْلِفَانِ وَيُرَدَّانِ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُرَدَّانِ إلَيْهِ دُونَ يَمِينٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَالنِّيَّةُ عِنْدِي غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُرَدَّا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُعْقَدَ الْقِرَاضُ وَلَا يَذْكُرَا حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا الثُّلُثَيْنِ لِمُعَيَّنٍ فَقَدْ عَادَ ذَلِكَ بِجَهَالَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ يَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ مَجْهُولَةً وَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْلَافِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُنْكِرُ مَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ النِّيَّةِ شَيْئًا فَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْلَافِهِ عَلَى تَحْقِيقِهَا، وَلَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهُ.
(ش) : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَخَذَ الْمَالَ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِدَيْنٍ أَوْ بِنَقْدٍ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِدَيْنٍ لِلْقَرْضِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ ثُمَّ نَقَدَ فِيهَا مَالَ الْقِرَاضِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَى بِدَيْنٍ بِنَقْدٍ فَيَكُونُ الْعَامِلُ بِذَلِكَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي سِلْعَةٍ وَاحِدَةٍ اشْتَرَاهَا بِدَيْنٍ وَنَقَدَ فِيهَا مَالَ الْقِرَاضِ، وَإِذَا كَانَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَتَبْقَى الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُسْأَلُ عَنْهَا غَيْرَ مُجَاوَبٍ عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَيْنٍ بِمِائَةٍ قِيمَتُهَا مِائَتَانِ فَنَقَدَ فِيهَا حِينَ الْأَجَلِ مِائَةً مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ مَا فَضَلَ مِنْ الْمِائَةِ دِينَارٍ عَنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ، وَالسِّلْعَةُ عَلَى الْقِرَاضِ، وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ