(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ كُلُّهَا وَالْمُؤْنَةُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ شَيْءٌ إلَّا أَنَّهُ يَعْمَلُ بِيَدِهِ إنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ بِبَعْضِ الثَّمَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ إجَارَتُهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا يَعْرِفُهُ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مُقَارِضٍ أَوْ مُسَاقٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ الْمَالِ، وَلَا مِنْ النَّخْلِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِذَلِكَ يَقُولُ أُسَاقِيك عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي فِي كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً تَسْقِيهَا، وَتَأْبُرُهَا، وَأُقَارِضُك فِي كَذَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْعَيْنَ بَاقِيَانِ عَلَى مِلْكِ الْآبِي حِصَّتُهُ مِنْهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ الْعَامِلُ فِي ذَلِكَ إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ، وَاخْتِيَارُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فَإِنَّ الَّذِي يَرُدُّ سَلَفًا لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةٍ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ سَلَفُهُ رَجَعَ الْآبِي إلَى اسْتِيفَائِهِ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ، وَاخْتِيَارِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فَإِنَّ الَّذِي يَرُدُّ الْآبِي إلَى الْعَامِلِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ يَوْمَ يَدْخُلُ مَعَهُ لَا يَوْمَ عَمَلِهِ، وَلَا مَا يَنُوبُهُ مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحِدْثَانِهِ قَالَهُ عِيسَى، وَوَجْهُ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ لَهُ فَإِنَّ لِلْآبِي الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ لَهُ رِقْبَته وَغَلَّته هـ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ رَقَبَتَهُ وَغَلَّتَهُ لِلْعَامِلِ كَانَتَا فَكَانَ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَعَلَيْهِ النَّقْصُ.

(فَرْعٌ)

وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَنْفَقَ فِي الْبُنْيَانِ عَلَى وَجْهِ السَّدِّ لَهُ لِأَنَّ الْآبِيَ يُحْتَسَبُ لَهُ بِغَلَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَجِبُ أَنْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ النَّفَقَةُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَبْنٌ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِذَا غَارَ مَاءُ عَيْنِ الْمُسَاقِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَقَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ فَإِنْ أَنْفَقَ الْعَامِلُ عَلَى سَدِّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا أَنْفَقَ إلَّا مَا لِلْمُتَعَدِّي مِنْ النَّقْصِ، وَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ فَسَّرَهُ تَفْسِيرًا حَسَنًا فَقَالَ يَتَوَخَّى قَدْرَ مَا لِرَبِّ الْحَائِطِ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ طَرْحِ مُؤْنَتِهِ فِيهَا إلَى وَقْتِ بَيْعِهَا يَتَكَلَّفُ أَنْ يُعَجِّلَ ذَلِكَ، وَيُنْفِقَهُ فَإِنْ أَعْدَمَ قِيلَ لِلْعَامِلِ أَنْفِقْ ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَتَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَرِ رَهْنًا بِيَدِك فَذَلِكَ، وَإِلَّا فَيُسَلِّمُ الْحَائِطَ إلَى رَبِّهِ، وَلَا شَيْءَ لَك، وَلَا لَهُ عَلَيْك.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَانْهَارَتْ بِئْرُهَا أَوْ غَارَ مَاؤُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زَرْعٌ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَانِعٌ طَرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إصْلَاحُهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَلَافَى بِذَلِكَ شَيْئًا، وَهِيَ لِلْمُكْتَرِي، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا زَرْعٌ، وَإِنَّ الَّذِي يَلْزَمُ أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا كِرَاءَ تِلْكَ السَّنَةِ دُونَ سَائِرِ السِّنِينَ يُقَوَّمُ ذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيَمُ السِّنِينَ أَوْ عَلَى السَّوَاءِ إنْ تَسَاوَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي لَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ أَنْفَقَ فِي إصْلَاحِ ذَلِكَ كِرَاءَ تِلْكَ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَقَدَهُ فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُنْفِقَهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفْلَسَ قِيلَ لِلْمُكْتَرِي أَنْفِقْهُ سَلَفًا مِنْ عِنْدِك لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ أَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ سَنَةٍ لِأَنَّ السَّنَةَ الْبَاقِيَةَ لَمْ يَعْمَلْ فِيهَا شَيْئًا فَلَمْ يَلْزَمْ إنْفَاقُ كِرَائِهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ كِرَاءُ السَّنَةِ الَّتِي قَدْ زَرَعَ فِيهَا لِيُحْيِيَ زَرْعَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَوَّلُ الْمَاءَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ، وَلَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا بِعَمَلِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَمَلِ مِنْ النَّفَقَةِ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ الْمَاءَ كُلَّهُ مَا اسْتَقَرَّ بِعَمَلِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جَمِيعَ مَاءِ الْعَيْنِ مَا بَقِيَ مِنْهُ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَمَا زَادَ بِالْعَمَلِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَا يُوصِلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ لِقِلَّتِهِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَاءِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ انْقَطَعَ مَاءُ الْعَيْنِ، وَهَذَا إنَّمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ذَهَابِ جَمِيعِهِ، وَقَالَ إنَّ مَا قَضَى بِالْمَاءِ كُلِّهِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْفَقَ يُرِيدُ أَنَّ بِنَفَقَتِهِ عَادَ الْمَاءُ مَعَ إنْفَاقِهِ عَلَى وَجْهٍ لَوْ لَمْ يَعُدْ الْمَاءُ بِنَفَقَتِهِ لَانْفَرَدَ بِالْخَسَارَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْآبِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا يَقْتَضِي انْفِرَادَهُ بِضَمَانِ النَّفَقَةِ، وَالْعِلَّةُ تَمْنَعُ الضَّمَانَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ حَتَّى يُشَارِكَهُ الْآخَرُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يُبَدِّلَ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ النَّفَقَةِ فَيَعُودَ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ الْمَاءِ لِمِلْكِهِ لِلْأَصْلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015