(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَيْنِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ، وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا أَجِدُ مَا أَعْمَلُ بِهِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ اعْمَلْ وَأَنْفِقْ، وَيَكُونُ لَك الْمَاءُ كُلُّهُ تَسْقِي بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُك بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت فَإِذَا جَاءَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَوَّلُ الْمَاءَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا بِعَمَلِهِ لَمْ يَعْلَقْ الْآخَرَ مِنْ النَّفَقَةِ شَيْءٌ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ كَانَ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى زَرَعَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ مَا زَرَعَ الْعَامِلُ فَهُوَ لَهُ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الْمُسَاقَاةِ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِالثِّمَارِ، وَمَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ كَالْمُرَاحِ وَالْمَسْكَنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْحَرْثِ وَالْعَمَلِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِالْعَامِلِ كَالثَّمَرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا الشَّرْطُ فَإِنَّ فَضْلَ ذَلِكَ مُلْغًى لِلْعَامِلِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ اسْمَ الْمُسَاقَاةِ يَخْتَصُّ بِالثَّمَرِ، وَمَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ، وَفَرْعٌ ظَاهِرٌ حِينَ الْمُسَاقَاةِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ فَعَلَى وَجْهِ ارْتِفَاقِ الْعَامِلِ مَا بَيْنَ الْأُصُولِ مِنْ الْبَيَاضِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرِهَا ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ فِي خَيْبَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَلَهُمْ فِي الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ عَلَى النِّصْفِ» .

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا، وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَذْرُ كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ، وَالْمَنْفَعَةَ كُلَّهَا عَلَى الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَمِيعُ الزَّرْعِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْعَامِلِ زِيَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا، وَلَوْ كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا فَاشْتَرَطَ الْعَامِلُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ فَقَدْ أَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ مَرَّةً ثُمَّ أَجَازَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ بَعْضَهُ كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْمُسَاقَاةِ ازْدَادَهَا الْعَامِلُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْإِلْغَاءِ لِأَنَّ الْإِلْغَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي جَمِيعِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ اشْتَرَطَ أَرْضًا هِيَ تَبَعُ الْمُسَاقَاةِ فَجَازَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَاهُ جَمِيعًا، وَالتَّوْجِيهَانِ لِأَصْبَغَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ.

(فَرْعٌ)

وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيَاضُ بَيْنَ أَثْنَاءِ السَّوَادِ أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبَعٌ لِمِلْكِ صَاحِبِ الْأَصْلِ.

(فَرْعٌ)

وَلَوْ اسْتَثْنَى الْعَامِلُ الْبَيَاضَ فِيمَا يَجُوزُ زَرْعُهُ ثُمَّ أُجِيحَتْ الثَّمَرَةُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْبَيَاضِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ جَيِّدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ إيَّاهُ إلَّا عَمَلَ السَّوَادِ فَلَمَّا ذَهَبَ السَّوَادُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْكِرَاءِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ الدَّاخِلُ عَنْ الْعَمَلِ عَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ.

(فَرْعٌ)

وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي زَرْعٍ، وَفِي وَسَطِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ فَاشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَالنَّخْلِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً تَبَعًا لِأَرْضِ الزَّرْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ بَيَاضِ النَّخْلِ، وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُلْغِيَ لِلدَّاخِلِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِذَا سَاقَاهُ زَرْعًا فِيهِ شَجَرٌ تَبَعًا لِلزَّرْعِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ بَيْنَ النَّخْلِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى سِقَاءٍ وَاحِدٍ لَا لِلْعَامِلِ كَمُشْتَرِي الدَّارِ فِيهَا نَخْلٌ يَشْتَرِطُ ثَمَرَتَهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا كَانَ الْعَامِلُ يَسْقِي ذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَلْغَى كَنَوْعٍ مِنْ الشَّجَرِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ أَرْضٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّبَعُ لِلنَّخْلِ فَجَازَ أَنْ يَلْغَى كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بَذْرَهَا، وَزِرَاعَتَهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَعْرُوفُ.

(ش) : رَوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015