(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطِي السِّلْعَةَ فَيُقَالُ لَهُ بِعْهَا، وَلَك كَذَا وَكَذَا فِي كُلِّ دِينَارٍ لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ فَهَذَا غَرَرٌ لَا يَدْرِي كَمْ جُعِلَ لَهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ كَثْرَتِهِ أَوْ قِلَّتِهِ أَوْ خِفَّتِهِ، وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا عَمِلَ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ دُونَ مَا كَانَ عَقَدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْعَقْدُ مَخْرَجَ الْجُعْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ، وَإِنْ أَتَى بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ وَتَعَبِهِ وَطُولِ مَسَافَةِ طَلَبِهِ فَوُجِدَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا تَنَوَّعَ إلَى صِحَّةٍ وَفَسَادٍ فَإِنَّ فَاسِدَهُ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِهِ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبُيُوعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ الْجُعْلُ فِي الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ لِلضَّرُورَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ لِلْعَامِلِ فَإِذَا وَقَعَ فَاسِدًا، وَفَاتَ رُدَّ إلَى الْإِجَارَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ، وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ لِأَصْحَابِنَا فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ يُرَدُّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ، وَإِلَى أَجْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ)
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ فِي الَّذِي يَقُولُ مَنْ جَاءَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ هَذِهِ الدَّابَّةُ إنْ وَجَدَهُ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ جَاءَ بِهِ أَوْ لَمْ يَجِئْ بِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إذَا شَخَصَ فِيهِ فَيَجِيءُ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَيْنَ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ فَرْقٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ جُعْلَ مِثْلِهِ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يُجْعَلُ لِمِثْلِهِ فِي عَنَائِهِ وَنَهْضَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَنُفُوذِهِ فِي مِثْلِ رَدِّ ذَلِكَ الْآبِقِ إنْ جَاءَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ جَاءَ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْإِجَارَةِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ ثَوْبًا بِدِرْهَمٍ شَهْرًا إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ إنْ بَاعَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ أَخَذَ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ مِنْ الشَّهْرِ، وَإِنْ انْقَضَى الشَّهْرُ، وَهُوَ بِسُوقِهِ، وَلَمْ يَبِعْهُ فَلَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ، وَهُوَ كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ إنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْ لِي ثَوْبِي، وَلَك مِنْ كُلِّ دِينَارٍ جُزْءٌ مِنْهُ أَوْ دِرْهَمٌ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا يَبِيعُهُ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومًا كَانَ جُعْلُ الْعَامِلِ مَجْهُولًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَجْهُولًا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَجْهُولًا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَمَلَ لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا كَانَ الْعَامِلُ بِالْخِيَارِ فِي تَرْكِهِ مَتَى شَاءَ فَتَقِلُّ مَضَرَّتُهُ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى مَا يُكْرَهُ مِنْ مَشَقَّةِ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ التَّرْكُ، وَالْجُعْلُ فِي جَنْبَةِ الْجَاعِلِ لَازِمٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ مَضَرَّةِ غَرَرِهِ إذَا شَاءَ.
(فَرْعٌ)
فَإِنْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلَا شَيْءَ لَهُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ وَأَصْبَغَ، وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْته بِعَشَرَةٍ فَلَكَ مِنْ عَدَدِ دِينَارٍ رُبْعُهُ أَوْ عُشْرُهُ أَوْ لَك مِنْهُ دِرْهَمٌ جَازَ لِأَنَّ الْجُعْلَ حَصَلَ مَعْلُومًا فَذَلِكَ جَائِزٌ فِيهِ.
(فَرْعٌ)
وَإِنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سُدُسُ الْعَشَرَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ جُعْلَهُ الْجُزْءَ الْمُسَمَّى مِنْ الْعَشَرَةِ فَمَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ غَيْرُ الْبَيْعِ مِمَّا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الْأُجْرَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، وَلَك دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ كَانَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْت هَذَا الثَّوْبَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ لَمْ تَبِعْهُ فَلَكَ دِرْهَمٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ هِيَ إجَازَةٌ، وَهِيَ جَائِزَةٌ إنْ ضَرَبَ لَهَا أَجَلًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدِّرْهَمَ لَزِمَهُ بَاعَ أَوْ لَمْ يَبِعْ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لِلْعَمَلِ أَجَلًا كَانَ عَلَى نِهَايَةِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ يَعْرِضُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَوْجَبَ الدِّرْهَمَ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْته فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ لَمْ تَبِعْهُ فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ، وَهَاتَانِ إجَارَتَانِ فِي إجَارَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْهُ فَمَا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَكَ لِأَنَّ الْجُعْلَ مَجْهُولٌ قَدْ دَخَلَهُ الْغَرَرُ قَالَهُ مَالِكٌ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْت الْيَوْمَ هَذَا الثَّوْبَ فَلَكَ دِرْهَمٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْوَاضِحَةِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ مَتَى شَاءَ