(مَا جَاءَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ) (ص) : (مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ، وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اُشْتُرِيَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ قُبِضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ، وَلَا وَضِيعَةٌ، وَلَا تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلَا تَوْلِيَةٍ وَلَا إقَالَةٍ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا جَاءَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ]
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا بَاعَ أَصْنَافًا مِنْ الْبَزِّ، وَاسْتَثْنَى مِنْهَا ثِيَابًا بِمَا رُقِمَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَقْمُ جِنْسٍ مَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إذَا اسْتَثْنَى بَعْضَ النَّوْعِ الَّذِي اسْتَثْنَى مِنْهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الِاخْتِيَارَ أَوْ لَا يَشْتَرِطَ شَيْئًا فَإِنْ اسْتَثْنَى الِاخْتِيَارَ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا اسْتَثْنَى الِاخْتِيَارَ الْأَكْثَرَ مِنْهُ، وَهُوَ بَائِعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَهُوَ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ مِنْ جَمِيعِ عَدَدِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّوْعِ الَّذِي اسْتَثْنَى مِنْهُ ثَلَاثِينَ ثَوْبًا فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الْمَتَاعِ بِالثُّلُثِ لَهُ ثُلُثُهُ، وَلِمَنْ ابْتَاعَهُ ثُلُثَاهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَفْضَلُهُمَا، وَلَا أَدْنَاهُمَا لَتَفَاوُتِ أَثْمَانِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الثِّيَابِ مَعَ تَسَاوِيهَا فِي الرُّقُومِ إمَّا؛ لِأَنَّ الرَّقْمَ بِمَعْنَى النَّوْعِ، وَإِمَّا لِغَلَاءِ أَوْ رُخْصِ، وَإِمَّا أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَقَمَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ وَاحِدٍ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَعْيِينًا، وَلَا اخْتِيَارًا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِعَدَدِ مَا اسْتَثْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ لَأَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهِ بِأَنْ يُولِيَ أَحَدًا جُزْءًا مِنْهُ أَوْ يُولِيَهُ جَمِيعَهُ أَوْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ مِنْهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى رَبِيعَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، وَأَرْخَصَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ» ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مِنْ عُقُودِ الْمُكَارَمَةِ فَاسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ كَمَا اسْتَثْنَى بَيْعَ الْعَرِيَّةِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ بِالنَّقْدِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَلَا، وَضِيعَةٌ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ النَّقْدُ أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى النَّقْدِ، وَتَكُونُ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِكَةُ أَوْ التَّوْلِيَةُ أَوْ الْإِقَالَةُ، وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْأَوَّلُ عَلَى التَّأْجِيلِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِمَا تَقَدَّمَهَا مِنْ الْبَيْعِ، وَلَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ نَقْصٌ وَلَا زِيَادَةُ غَيْرِ مَا انْعَقَدَ بِهِ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَكَادُ الرَّقْمُ يَتَسَاوَى، وَلَا تَصِحُّ فِي ذَلِكَ شَرِكَةٌ، وَلَا تَوْلِيَةٌ، وَلَا إقَالَةٌ لِعَدَمِ تَسَاوِي الرَّقْمِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِالنَّقْدِ جَازَتْ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ بِالنَّقْدِ دُونَ تَأْخِيرٍ، وَلَا زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ، وَلَا نَقْصٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ إلَى حُكْمِ الْبَيْعِ الْمَحْضِ الْمُنَافَى لِلْمُكَارَمَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَاَلَّذِي يَمْنَعُ أَنْ يَمْلِكَ بِهِ الطَّعَامَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ أَوْ زِيَادَةُ ثَمَنٍ أَوْ نَقْصٌ مِنْهُ فَلَيْسَ بِشَرِكَةٍ، وَلَا تَوْلِيَةٍ وَلَا إقَالَةٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ أَحَدِهِمَا صَارَ بَيْعًا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ