هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ فَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ شِرَاءَ الطَّعَامِ بِالنَّقْدِ إذَا رَضِيَ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَ الْبَائِعَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ إنْ كَانَ مَوْزُونًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِ اسْتِثْقَالَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ إذَا بِيعَ بِالتَّأْخِيرِ، وَالذَّرِيعَةُ فِيهِ أَبْيَنُ فَعَلَى تَأْوِيلِ مَالِكٍ لَا يَتَعَلَّقُ كَرَاهِيَتُهُمْ لَهُ بِالنَّقْدِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ بِالنَّقْدِ دُونَ النَّسَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَصْدِيقِهِ فِيمَا ابْتَاعَ بِالنَّقْدِ وَجْهٌ بَيِّنٌ مِنْ الذَّرِيعَةِ إلَى أَمْرٍ مَكْرُوهٍ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الذَّرِيعَةَ فِي التَّأْخِيرِ أَبْيَنُ، وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي النَّقْدِ وَجْهًا مِنْ الذَّرِيعَةِ لَيْسَ يُفْتَى بِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا مَا سُمِّيَ لَهُ كَيْلُهُ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ عَلَى الْكَيْلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّصْدِيقُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اكْتَالَهُ حَتَّى يَكِيلَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْكَيْلُ فَيَفْسَخُ الْبَائِعُ مِنْهُ إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى مَا لَا يَرْضَى الْمُبْتَاعُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا عَلَى الْكَيْلِ رَجَعَ بِالتَّصْدِيقِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي إلَى الْكَيْلِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَهُ عَلَى التَّصْدِيقِ، وَأَسْقَطَ عَنْ الْبَائِعِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ مُؤْنَةِ الْكَيْلِ وَالضَّمَانِ، وَالرُّجُوعِ بِالنَّقْضِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ نَقْصِ الْكَيْلِ فَفِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ يُؤَثِّرُ التَّصْدِيقُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا بَعْدَ أَنْ تَرَكَهَا لِلْبَائِعِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْكَيْلِ، وَفِيمَا اشْتَرَى عَلَى التَّصْدِيقِ يَكِيلُهُ إنْ هُوَ بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ، وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ نَقْصًا لَا يَكُونُ مِنْ نَقْصِ الْكَيْلِ مِمَّا يُشْبِهُ الْغَلَطَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ، وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى الْبَائِعِ الْيَمِينُ أَنَّهُ بَاعَهُ عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ كَيْلِهِ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ، وَرَجَعَ بِمَا نَقَصَ مِنْهُ، وَإِنْ وَجَدَ زِيَادَةً فِي الْكَيْلِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ مَنْ اشْتَرَى صُبْرَةً عَلَى أَنَّ فِيهَا كَيْلًا سَمَّاهُ فَوَجَدَهَا تَزِيدُ فَلْيَرُدَّ الزِّيَادَةَ، وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا عَلَى كَيْلٍ مَعْلُومٍ كَانَ النَّقْصُ، وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ فَكَمَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَتْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَلِكَ إذَا زَادَتْ رَدَّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا عَلَى التَّصْدِيقِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَبِيعُهُ هُوَ حَتَّى يَغِيبَ عَلَيْهِ وَيَكِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَيْعُهُ إلَّا بِذَلِكَ، وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَأَصْبَغُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الذَّرِيعَةَ فِي ذَلِكَ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ ذَلِكَ صَدَّقَ الْبَائِعَ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْضَرَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ كَيْلَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ مِنْهُ فَلَا يَضُرُّهُ التَّصْدِيقُ، وَيَرْجِعُ بِمَا نَقَصَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَجَازَ لَهُ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ اكْتَالَهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ ابْتَاعَ زِقًّا فِيهِ سَمْنٌ بِقَمْحٍ جُزَافًا، وَزَعَمَ بَائِعُ الزِّقِّ أَنَّ فِيهِ عَشَرَةَ أَقْسَاطٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كُرِهَ أَنْ يَأْخُذَ السَّمْنَ بِقَوْلِ صَاحِبِهِ، وَبِهِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ، وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرِ نَاجِزٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَخْتَبِرَ كَيْلَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ التَّصْدِيقَ مَعْنًى يَخْرُجُ بِهِ الطَّعَامُ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَالْكَيْلِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَمَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَيْنَا مِنْ جِهَةِ الْمَنْعِ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ تَجُوزُ فِي بَعْضِ الْكَيْلِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ رَجَاءَ التَّأْخِيرِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ هَدِيَّةِ الْمِدْيَان، وَمَنْ ابْتَاعَ بِنَقْدٍ فَقَدْ سَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَهُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا فَلَعَلَّهُ يُرِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ مَا يُتْرَكُ لِلْبَائِعِ مِنْ نَقْصِ الْكَيْلِ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَجُوزُ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ إلَى أَجَلٍ، وَيُصَدِّقُهُ الْبَائِعُ عَلَى كَيْلِهِ إذَا كَانَ يَكِيلُهُ