. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَهُمَا ثَابِتٌ مَا لَمْ يَفْسَخْهُ إمَامٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِإِبَّانَ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِإِبَّانٍ لَا يُمْكِنُ إلَّا فِيهِ كَاكْتِرَاءِ السُّفُنِ فِي الْبَحْرِ، وَالثَّانِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مَا مِنْ صِفَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ لَا يُمْكِنُ إلَّا فِي ذَلِكَ الْإِبَّانِ كَاكْتِرَاءِ الْحَاجِّ إلَى مَكَّةَ وَاكْتِرَائِهِمْ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَعَرَفَةَ فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ لَا بِفَوَاتِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، وَذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى السَّلَمِ فِي الرُّطَبِ لِيُقْبَضَ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إبَّانِ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ، وَهَلْ يَفُوتُ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي، وَهُوَ اكْتِرَاءُ الْحَاجِّ إلَى مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ، وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَهُ إبَّانٌ فَوَجَبَ أَنْ تَنْفَسِخَ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَكِرَاءِ السُّفُنِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ فِي الْحَجِّ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْكِرَاءُ إلَى عَامٍ قَابِلٍ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَجَازَ فَسْخُهُ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فِي الْحَجِّ فَقَالَ يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ بَقِيَ إلَى قَابِلٍ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْكِرَاءَ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ فِي قَوْلِهِ بِالْفَسْخِ كَالْكِرَاءِ لِأَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْأَيَّامِ لِلْكِرَاءِ إنَّمَا هِيَ أَنْ يَتَقَدَّرَ الْعَمَلُ بِهَا، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِمَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا عِنْدِي لَا يَنْفَسِخُ بِخُرُوجِ أَوَّلِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِغَيْبَةِ الْمُكْتَرِي عَنْهُ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَاتَهُ الْحَجُّ عَلَى السَّيْرِ الْمُعْتَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ سَلَّمَ فِي ضَحَايَا لِيُوَفِّيَ بِهَا عِيدَ الْأَضْحَى فَغَابَ عَنْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَأَتَاهُ بِهَا بَعْدَ فَوَاتِ الْأَضْحَى فَقَدْ قَالَ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ يَبْطُلُ السَّلَمُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ فِي الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ فَفَاتَ إبَّانُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ قَبْضِ بَعْضِهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَتَأَخَّرُ إلَى إبَّانِهِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ أَوْ يُعَجِّلَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى التَّعْجِيلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ، وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى قَابِلٍ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ مَنْ شَاءَ الْمُحَاصَّةَ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّأْخِيرِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ إلَى قَابِلٍ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ سَحْنُونٌ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ قَدْ ثَبَتَ بَيْنَهُمَا، وَلَزِمَ فِي الْأَعْيَانِ فَلَا يَنْتَقِلُ مَا عَقَدَا عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِمَا كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْبَائِعُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ مَسْأَلَةُ الْكِرَاءِ لِلْحَجِّ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لِهَذِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّتْ بِالشَّرْعِ، وَهَذِهِ لَا تَتَوَقَّتْ بِالشَّرْعِ، وَإِنَّمَا تَتَوَقَّتُ بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْقَضَاءِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَالِفَهَا؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ عَلَى الْمَنَافِعِ مُخَالِفَةٌ لِلْعُقُودِ عَلَى الْأَعْيَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ، وَلِذَلِكَ فُسِخَ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَرَاكِبِ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مَرْكَبًا أَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَفَاتَ وَقْتُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنَافِعَ الْأَعْيَانِ يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ مِنْهَا عَلَى مَا لَمْ يُوجَدْ مِمَّا يَخْتَصُّ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأَعْيَانُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا؛ لِأَنَّ عُقُودَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اللُّزُومِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَعْدَمُهُ لِكَثْرَةِ جِنْسِهِ وَسَعَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ أَشْهَبَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إلَّا الْفَسْخُ وَالتَّعْجِيلُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عِوَضًا لِلْآخَرِ عَلَى وَجْهٍ مَا يُخَيَّرُ فِيهِ فَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ مِنْ عَشْرِ نَخَلَاتٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ الْمُبْتَاعُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُعَاوِضَهُ فِي رُطَبِ عَامٍ قَابِلٍ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ تَأْخِيرِ دَيْنِهِ وَبَيْنَ إبْقَاءِ ثَمَرَتِهِ عَلَيْهِ إلَى