. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ دُونَ كَثِيرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ، وَلَمْ يُقَرِّرْ الْمُدَّةَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَحُكِمَ فِي ذَلِكَ بِمِقْدَارِ مَا تُخْتَبَرُ بِهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ لَهُ قَدْرٌ فِي الشَّرْعِ، وَذَلِكَ قَدْرُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَبِيعِ فَإِذَا أَخَلَّا بِذِكْرِهِ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى الْمَعْرُوفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ لَوْ زَادَا عَلَيْهِ لَفَسَدَ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا مَا زَادَاهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا شَرَطَا مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ مَا لَا يَجُوزُ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ أُجِّلَ لِمَا يَجُوزُ لَهُ الْخِيَارُ تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا، وَلَا تَفُوتُ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجَلُ الْخِيَارِ الْمُشْتَرَطِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْقَضَى وَمَضَى بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَالْبِنَاءُ فَوْتٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ خُرُوجِ وَقْتِ الْخِيَارِ، وَرَوَى ذَلِكَ الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ بِنَاءَ الْمُبْتَاعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْخِيَارِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَنَى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَبَنَى لَعُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَنَى بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَذَلِكَ فَوْتٌ.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَتِمُّ فِيهَا بَيْعٌ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَشَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ يَوْمِ قَبَضَهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةُ الْعُتْبِيِّ عَنْهُ أَحْسَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَجْهُ رِوَايَةِ الْعُتْبِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ السِّلْعَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَلَمْ يَكُنْ نَمَاؤُهَا وَنُقْصَانُهَا لَهُ فَلَا تَفُوتُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَا يَضْمَنُ ضَيَاعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِذَلِكَ فَإِذَا خَرَجَتْ عَنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَدْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَتَفُوتُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَيَكُونُ ضَمَانُهَا مِنْهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّهُ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَهُوَ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ إلَى خَمْسِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْخِيَارُ إلَيْهِ إنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ، وَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إلَى مَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ، وَيَشْتَرِطُ النَّقْدُ فَقَالَ فِي هَذَا ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بَعْدَ أَجَلِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ هَاهُنَا صَحِيحٌ لَمْ يَفْسُدْ بِهِ الْعَقْدُ.
1 -
(فَرْعٌ) ، وَمَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ مِنْ نَمَاءٍ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَالْوَلَدِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لِلْبَائِعِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُ نَمَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْعَيْنِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَهَا كَالسَّمْنِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ إنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ كَالْمَالِ يُوهَبُ لِلْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لِلْبَائِعِ قَالَ أَشْهَبُ إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ، وَاتَّفَقَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ، وَإِلَّا نُقِضَ الْبَيْعُ، وَمَنْ اشْتَرَى عَشْرَ جِوَارٍ مِنْ مِائَةٍ يَخْتَارُهُنَّ فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى وَضَعْنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ الْأُمَّهَاتِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ مِنْ أَجْلِ التَّفْرِقَةِ، وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ، وَالْوَلَدُ لِلْبَائِعِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي مِلْكٍ أَوْ يَبِيعَانِ، وَهَذَا مُوَافَقَةٌ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَشْهَبَ، وَكَانَ يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يَخْتَارُ الْأُمَّهَاتِ، وَتَكُونُ أَوْلَادُ مَا اخْتَارَ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ سَمْنِ أَجْسَامِهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ فِيمَنْ اشْتَرَى عَشَرَ شِيَاهٍ مِنْ مِائَةٍ يَخْتَارُهَا فَوَلَدَتْ إنَّهُ يَخْتَارُ الْأُمَّهَاتِ دُونَ الْأَوْلَادِ قَالَ أَشْهَبُ، وَقَدْ وُضِعَتْ فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا إنْ اخْتَارَ الْبَيْعَ، وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا إنْ رَدَّ الْبَيْعَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ السَّلَفُ لِلتَّخْيِيرِ فِي بَيْعٍ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ مِنْ عُقُودِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي تَبْطُلُ الْمُعَاوَضَةُ إذَا قَارَنَتْهَا كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ.
وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا سَحْنُونٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ