. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِيَارِ إلَّا أَنْ يُوقَفَ عَلَى قَطْعِ الْخِيَارِ بَعْدَهُ، وَاللَّفْظُ فِي الْأَوَّلِ أَظْهَرُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ إذَا أُطْلِقَ فِي الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ لَا قَطْعُهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ كَمَالِ الْعَقْدِ أَجِزْ أَوْ رُدَّ لَا يَجِبُ أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ بِأَنَّهُ بَيْعُ خِيَارٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْخِيَارِ إنَّمَا يَطْرَأُ بَعْدَ كَمَالِ الْعَقْدِ، وَعَلَى تَأْوِيلِ مَالِكٍ يُوصَفُ بَيْعُهُمَا بِأَنَّهُ بَيْعُ خِيَارٍ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَطٌ فِيهِ، وَمُنْعَقِدٌ عَلَى حُكْمِهِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ ثَابِتَةٌ فِي الشَّرْطِ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ، وَلَا يَقْصُرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا خِيَارٌ يُسْتَحَقُّ بِهِ الرَّدُّ فَلَمْ يَقْصُرْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْخِيَارُ بِالْبَيْعِ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُدَّةِ النَّظَرِ إلَيْهِ وَالِاخْتِيَارِ لَهُ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ مَعَ تَسَرُّعِ اسْتِحَالَةِ الْمَبِيعِ، وَإِبْطَاءِ ذَلِكَ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ فِي الدَّارِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ، وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ مِنْ النَّظَرِ إلَى حِيطَانِهَا وَأُسُسِهَا وَمَرَافِقِهَا وَاخْتِبَارِ جِيرَانِهَا وَمَكَانِهَا إلَى مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْمُهْلَةِ مَعَ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً لَا تُسْرِعُ إلَيْهَا الِاسْتِحَالَةُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْخَمْسَةُ الْأَيَّامُ وَالْجُمُعَةُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَالْخَمْسَةُ، وَلَا أَفْسَخُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ فِي الشَّهْرِ، وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَجْهُ إجَازَتِهِ فِي الشَّهْرِ أَنَّ الرَّقِيقَ ذُو مَيْزٍ، وَرُبَّمَا سَتَرَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُزْهَدُ فِيهِ، وَيُسْتَعْمَلُ مَا يُرْغَبُ فِيهِ مُدَّةً فَيَجِبُ أَنْ يُسْرِعَ فِيهِ مِنْ مُدَّةِ الشَّرْطِ مَا لَا يَكَادُ أَنْ يُسْتَرَ فِيهِ أَمْرُهُ غَالِبًا، وَإِنْ رَامَ سِتْرَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاخْتِبَارِ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّ التَّغَيُّرَ يُسْرِعُ إلَيْهِ فَمَنَعَ ذَلِكَ طَوِيلُ الْمُدَّةِ، وَالشَّهْرُ مُدَّةٌ يَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْكَبُ الْيَوْمَ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيْرَ عَلَيْهَا الْبَرِيدَ وَالْبَرِيدَيْنِ مَا لَمْ يَتَبَاعَدْ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّقِيقِ أَنَّهَا لَا تُمَيَّزُ فَتُكْتَمُ أَخْلَاقُهَا وَأَحْوَالُهَا فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ يُخْتَبَرُ حُسْنُ أَخْلَاقِهَا وَسَيْرِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رُكُوبَ الدَّابَّةِ الْيَوْمَ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرْكَبُ النَّاسُ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَسَيْرِ الْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ لِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ تَفَاسِيرَهَا، وَصَبْرَهَا فِي حَالِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ تُضَافَ إلَى ذَلِكَ اللَّيْلَةُ لِيَخْتَبِرَ أَكْلَهَا وَحَالَهَا فِي وُقُوفِهَا وَوَضْعِ آلَتِهَا عَلَيْهَا وَنَزْعِهَا عَنْهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنَّمَا يُسْرِعُ التَّغَيُّرُ إلَيْهَا، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ، وَإِنَّمَا شَرَطَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ لِلرُّكُوبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الثَّوْبُ فَفِي الْوَاضِحَةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَلَمْ يَضِقْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِبَاسُ الثَّوْبِ، وَإِنْ شَرَطَ اسْتِخْدَامَ الرَّقِيقِ، وَرُكُوبَ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ اخْتِبَارَ الرَّقِيقِ إنَّمَا يَكُونُ بِالِاسْتِخْدَامِ وَالتَّصَرُّفِ وَاخْتِبَارِ الدَّابَّةِ بِالرُّكُوبِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا يُخْتَبَرُ بِاللِّبَاسِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ مِنْهُ قَدْرُ مَا يُعْرَفُ بِهِ طُولُهُ أَوْ قِصَرُهُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْتَشِيرُونَ فِي مِثْلِ هَذَا فَفِيهِ مِنْ الْخِيَارِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ فَأَمَّا مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ فَإِنْ اُشْتُرِطَ فِيهِ خِيَارٌ فَلَا يَغِيبُ الْمُشْتَرِي عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغِيبُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ غَيْرَهُ مَكَانَهُ قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا أَنَّ رَدَّهُ تَارَةً بَيْعًا إنْ أَبَى رَدَّهُ.

1 -

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْخِيَارُ فِي السَّلَمِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ فِيهِ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لِمَعْنَى السُّؤَالِ وَالْمَشُورَةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ تَغَيُّرٌ فَصَارَ كَالثَّوْبِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ كَثِيرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُشَابَهَةِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015