فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ وَبِدَرَاهِمَ، وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ، وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبِحَهُ الْمُبْتَاعُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : قَوْلُهُ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ وَالصَّرْفِ عَلَى قَدْرِ مَا يَبِيعُهُ، وَالصَّرْفُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مُرَابَحَةٌ هَذَا السُّؤَالُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَهَبٍ، وَيَبِيعَ بِذَهَبٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الصَّرْفُ فِي وَقْتَيْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ مُرَابَحَةً، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ، وَالثَّانِي مَا أَجَابَ عَنْهُ، وَأَنْ يَبْتَاعَ بِذَهَبٍ فَيَبِيعَ بِوَرِقٍ أَوْ يَبْتَاعَ بِوَرِقٍ فَيَبِيعَ بِذَهَبٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَجَابَ عَنْهَا فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ الصَّرْفُ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِمَا فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ مَا لَمْ يَفُتْ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَلْزَمَهُ إيَّاهُ بِمَا نَقَدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ بِهَذِهِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى بِغَيْرِهَا لَكِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِمَا ظَهَرَ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ ابْتَاعَ بِغَيْرِ مَا أَظْهَرَ إلَيْهِ، وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَا ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَجِيءَ أَكْثَرُ مِمَّا رَضِيَ بِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ فِي هَذَا قِيمَةً كَمَا فَعَلَ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ وَحَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِي مِثْلِ هَذَا فَوْتٌ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ فَاتَتْ ضُرِبَ الرِّبْحُ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ لِلْمُشْتَرِي.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ اشْتَرَى بِعَيْنٍ فَدَفَعَ فِي ذَلِكَ عَرْضًا أَوْ بَاعَ بِعَرْضٍ فَدَفَعَ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إذَا بَيَّنَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَى أَيُّهُمَا شَاءَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبِيعُ عَلَى عَرْضٍ بِصِفَةٍ أَوْ طَعَامٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى قِيمَةٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبِيعُ عَلَى عَرْضٍ، وَلَا طَعَامٍ مَوْصُوفٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ فِي الذِّمَّةِ طَعَامًا مُعَجَّلًا بِبَيْعٍ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُ الْعَرْضُ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ الْبَائِعُ مُرَابَحَةً مِثْلَهُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ ثَبَتَ لَهُ، وَلَهُ الْأَخْذُ بِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ حَقٍّ قَدْ لَزِمَهُ، وَالشُّفْعَةُ حُجَّةٌ عَلَى قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَكِيلٍ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِقِيمَةٍ دُونَ مِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنْ يَبِيعَ عَلَى قِيمَةِ ثَوْبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ هَذِهِ السِّلْعَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ، وَقَالَ يَبِيعُ مُرَابَحَةً قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ ثُمَّ يَنْقُدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى شِرَاءِ الْبَائِعِ فَإِذَا نَقَدَ عَلَى غَيْرِ مَا عَقَدَ بِهِ فَلَمْ يَتِمَّ بَيْعُهُ إلَّا بِمَا نَقَدَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ لِلْمُشْتَرِي فَيَتَوَصَّلُ الْبَائِعُ إلَى عَيْنِهِ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ نَقَدَ غَيْرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ مَا عَقَدَ بِهِ أَفْضَلَ، وَحَابَى هُوَ فِيمَا نَقَدَ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِبَيْعِ الْمُكَايَسَةِ، وَالِاجْتِهَادُ دُونَ بَيْعِ الْمُحَابَاةِ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَعَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَحَالَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ بَاعَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَمَنْ ابْتَاعَ بِأَجَلٍ فَبَاعَ مُرَابَحَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْبَيْعُ مَرْدُودٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ شَاءَ الْمُبْتَاعُ، وَهَذَا خِلَافُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ يَفُتْ يُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهَا فَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا بِلَا رِبْحٍ، وَهُوَ نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا فَاتَتْ، وَزَادَ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ الرِّبْحُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ إنْ فَاتَتْ قُوِّمَ