بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ» مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فَقُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَرَأَيْت رَجُلًا اشْتَرَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا يَتَكَرَّرُ فَقَدْ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْمَبِيعَ فَهُوَ ثَمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ كَانَ عِنْدَهُ سَلَفًا يَرُدُّهُ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَأَمَّا الْأُصُولُ الثَّابِتَةُ فَإِنَّهَا مَأْمُونَةٌ لَا يَدْخُلُهَا فِي الْأَغْلَبِ نَقْصٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَلَا تَغَيُّرٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ فَالْبَائِعُ إنَّمَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ كَالْمَبِيعِ الْحَاضِرِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُؤَجَّلَ بِهِ عَيْبٌ يُوجِبُ عَلَيْهِ رَدَّ الثَّمَنِ لَمَّا كَانَ يَقِلُّ وَيَنْدُرُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مُعَيَّنٌ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِشَرْطِ النَّقْدِ كَالْحَيَوَانِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ يُرِيدُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي لَهُ يُرِيدُ أَنَّ لِلرُّؤْيَةِ تَأْثِيرًا فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعًا إلَّا بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ صِفَةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلِلْمُبْتَاعِ خِيَارُ النَّظَرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَجْهُولُ الصِّفَةِ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ حَالَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ أَصْلِهِ إذَا قَالَ بِعْتُك مَا فِي يَدَيَّ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْمُكَايَسَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُكَارَمَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَيَلْزَمُ الْمَوْلَى دُونَ الْمُوَلِّي، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ ابْتَعْت سِلْعَةً رَخِيصَةً فَيَقُولَ لَهُ آخَرُ وَلِّنِيهَا فَيَقُولَ قَدْ فَعَلْتُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ هِيَ دَابَّةٌ أَوْ جَارِيَةٌ أَوْ ثَوْبٌ ابْتَعْته بِكَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَقَدْ عَرَا عَنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ الَّذِي جَهِلَ صِفَتَهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَالْبَائِعُ الَّذِي لَزِمَهُ الْبَيْعُ عَالِمٌ بِهِ وَمَكَارِمٌ لَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا بَيْعُ الْغَائِبِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَة بِصِفَةِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ عَلَى مَا وَصَفْت لَزِمَ الْمُبْتَاعُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ، وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ بَيْعَ مَا لَمْ يُرَ، وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ جَوَازُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ضَمَانِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ أَوَّلًا هِيَ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ، وَبِهِ قَالَ مُطَّرِفٌ وَابْنُ وَهْبٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هِيَ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْرُطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَكَانَ مِنْ الْمُبْتَاعِ كَالْحَاضِرِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ النَّقْدِ فِيهِ مَخَافَةَ تَغَيُّرِهِ فَكَانَ مِنْ الْبَائِعِ كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِالْمُوَاضَعَةِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ مِنْ الرِّبَاعِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مِنْ الْبَائِعِ قَالَ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَجْمَعُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ تَوْفِيَةٍ بِعَدَدٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ فِي أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَمَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ كَالْحَاضِرِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الرِّبَاعِ الْغَائِبَةِ إذَا بِيعَتْ بِوَصْفٍ فَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا بِيعَتْ بِوَصْفِ غَيْرِ الْبَائِعِ فَأَمَّا إذَا بِيعَتْ بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ فِي الصِّفَةِ لِيَنْتَفِعَ بِالثَّمَنِ إلَى وَقْتِ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي لَهَا، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الشِّرَاءُ مُعْتَادًا، وَكَثُرَ فِيهِ الْغَرَرُ مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ النَّقْدِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا يُرِيدُ فِي السَّلَمِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغَائِبَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015