. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (الْبَابُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَ الْأَجَلِ)
، وَأَمَّا الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَ الْأَجَلِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ حُلُولَ الْأَجَلِ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَإِذَا كَانَ مَعْدُومًا حِينَ الْأَجَلِ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّسْلِيمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ حَانَ الْأَجَلُ وَعُدِمَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ بِجَائِحَةٍ اسْتَأْصَلَتْهُ أَوْ غَفْلَةٍ مِنْ مُسَلِّمِهِ حَتَّى فَاتَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَ السَّلَمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ وَقْتٌ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ التَّسْلِيمَ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ وُجُودَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَصْلُ ذَلِكَ الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ وَقْتِ الْعَقْدِ وَانْقِضَاءِ الْأَجَلِ.
(الْبَابُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا إلَخْ)
، وَأَمَّا الشَّرْطُ السَّادِسُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ فِي حُكْمِ النَّقْدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ وَتَأَخُّرِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَثَمَنُهُ مُؤَجَّلًا فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَقَبْضُهُ فِي مَجْلِسِ السَّلَمِ أَفْضَلُ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ بِالشَّرْطِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا إنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّلَمِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِيهِ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ لِمَعْنًى فِي الْعِوَضِ وَإِنَّمَا هُوَ مَمْنُوعٌ لِمَعْنًى فِي الْعَقْدِ لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ وَالثَّمَنُ مِنْ شَرْطِهِ التَّعْجِيلُ فَكَمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا بِتَأْخِيرِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْكَالِئِ فَكَذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي مِنْ شَرْطِهِ التَّعْجِيلُ لَا يُفْسِدُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مَجْلِسِ الْقَبْضِ وَلَا بِتَأَخُّرِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا يَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْكَالِئِ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأَخُّرُهُ بِشَرْطٍ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُفْصَلَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِنَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَى أَجَلِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يَجُوزُ تَأَخُّرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ هَذَا الْمِقْدَارَ وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ بِالشَّرْطِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ السَّلَمَ لَا يَجُوزُ إلَّا إلَى الْأَجَلِ الْبَعِيدِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ صَحَّ أَنْ يَقُولَ بِتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّأْجِيلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ حُكْمُ التَّأْجِيلِ لَجَازَ تَأَخُّرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ إلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا تَأَخُّرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ إلَى أَجَلِ السَّلَمِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَرَّةً يُفْسِدُ السَّلَمَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ لَا يُفْسِدُ السَّلَمَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَجْهُ الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى التَّعَاقُدِ عَلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهَا إلَيْهِ آلَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عَقْدَهُمَا سَلِمَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُفْسِدُهُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَفْسُدْ السَّلَمُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ أَحَدُهُمَا فَسَدَ السَّلَمُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فَرَّ لِيُفْسِدَ السَّلَمَ فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي أَنْ يَنْفَرِدَ بِإِفْسَادِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْفَارَّ مِنْ الْأَدَاءِ فِي الصَّرْفِ لَا يُبْطِلُ الصَّرْفَ وَإِذَا لَمْ يَفِرَّ أَحَدُهُمَا فَقَدْ رَضِيَا بِإِفْسَادِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَفْسُدَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِتَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ عَيْنًا إلَى أَجَلٍ فَبَانَ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ عَرَضًا مُعَيَّنًا أَوْلَى وَأَحْرَى؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ السَّلَمُ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا مُعَيَّنًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا