. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَجَلَ وَوَجَدَ الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ التَّسْلِيمِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدِ التَّسْلِيمِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَخْتَلِفُ أَسْوَاقُهَا وَهِيَ أُصُولُ الْأَثْمَانِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ فَتَسَاوَتْ حَالُهُمَا فِي الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ، وَالْعُرُوضُ تَخْتَلِفُ أَسْوَاقُهَا وَلَيْسَتْ بِأُصُولٍ فِي الْأَثْمَانِ وَلَا قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ فَتَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ فَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يُسَلِّمَهُ وَلَا أَنْ يُسَلِّمَ مِنْهُ بِغَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ وَلِذَلِكَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ عَيْنٍ جَازَ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَيَلْزَمُ مَنْ هُوَ لَهُ قَبْضُهُ وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ عَيْنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ إلَّا بِرِضَا مَنْ هُوَ لَهُ وَمِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْأَجَلِ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ مَوْضِعُ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَذْكُرَا مَوْضِعَ التَّسْلِيمِ لِزَوَالِ التَّخَاصُمِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَيَدْخُلَانِ عَلَى مَعْلُومٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ حُكْمَهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ سَلَّفَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَوْضِعَ الْقَضَاءِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ بِبَلَدِ الْعَقْدِ كَمَا يَقْتَضِي إطْلَاقُ الْبَيْعِ ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ لَا يَذْكُرَا مَوْضِعَ التَّسْلِيمِ أَوْ يَذْكُرَاهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهُ لَزِمَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ دَفْعُهُ فِي بَلَدِ عَقْدِ السَّلَمِ وَلَزِمَ الْمُسَلِّمَ قَبْضُهُ هُنَاكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ التَّسْلِيمُ مِنْهُ وَقَدْ شَرَطَا بَلَدَ التَّسْلِيمِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَلَزِمَ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ بِذَلِكَ الْبَلَدِ كَانَ ذَلِكَ السُّوقُ مَوْضِعَ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَصُّ بِقَاعِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ فَإِنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ يُوَفِّيهِ حَيْثُ شَاءَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُوَفِّيهَا بِدَارِ الْمُسَلِّمِ كَانَ لَهَا سُوقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا إنْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَتَّخِذَا مَوْضِعًا فَإِنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ حَيْثُ قُبِضَتْ الدَّرَاهِمُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَوْضِعَ الْعَقْدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَلَدَ النَّقْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ تَعْيِينِ الْبَلَدِ وَتَعْيِينُهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ذَلِكَ الْبَلَدِ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ اسْمَ الْجَوْدَةِ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ دَفْعَ مَا شَاءَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَيْضًا فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ لَمَّا كَانَ مَحَلُّ دَفْعِهِ مَوْضِعَ سُوقِهِ وَمُعْظَمُ نَفَاذِهِ وَمَوَازِينِهِ كَأَنَّهُ نَفْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ يَكُونُ تَسْلِيمُهُ بِمَوْضِعِ سُوقِهِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِصِفَاتِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إيصَالُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ اقْتَضَى ذَلِكَ إيصَالَهُ إلَى مَنْزِلِهِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَالْمَاءِ لَمَّا كَانَ عَلَى بَائِعِهِ إيصَالُهُ لَزِمَهُ إيصَالُهُ إلَى مَنْزِلِ الْمُبْتَاعِ لَهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا إطْلَاقَ الْعَقْدِ وَادَّعَى الثَّانِي اشْتِرَاطَ مَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي إطْلَاقِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ ادَّعَى خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا شَرَطَا مَوْضِعًا لِلْقَضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِهِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ عَقْدِ السَّلَمِ وَادَّعَى الثَّانِي غَيْرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي مَوْضِعِ السَّلَمِ لِمُوَافَقَتِهِ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعَقْدِ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لِلْقَبْضِ أُحْلِفَا وَفُسِخَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْقَضَاءِ مَحْدُودًا بِحَدٍّ يَقْرَبُ كَالْفُسْطَاطِ أَوْ الْفَيُّومِ أَوْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ تَبَاعَدَتْ أَقْطَارُهُ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْأَنْدَلُسِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ إنَّ مِصْرَ مَا بَيْنَ نَجْدٍ إلَى أُسْوَانَ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ تَبَاعُدِ الْأَقْطَارِ وَتَفَاوُتِ الْأَسْفَارِ لِتَبَاعُدِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لِقَبْضِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ لِجَهَالَةِ مَوْضِعِ الْقَبْضِ وَخَطَرِ الْغَرَرِ فِيهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.