(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ لِامْرَأَةٍ حَادٍّ عَلَى زَوْجِهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجَلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا كَانَ يَقُولَانِ فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِهَا أَوْ شَكْوَى أَصَابَهَا أَنَّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى بِدَوَاءٍ أَوْ بِكُحْلٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَتْ الضَّرُورَةُ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ عِيسَى بْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِبَعْرَةٍ مِنْ بَعْرِ الْغَنَمِ فَتَرْمِي بِهَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا.

وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ أَمَامَهَا وَلَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِهَا كَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَذَلِكَ أَجَلُهَا، وَقَدْ رَأَيْت لِغَيْرِهِ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ صَبْرَهَا مُدَّةَ الْحَوْلِ عَلَى مَا كَانَتْ فِيهِ أَهْوَنَ عَلَيْهَا مِنْ الرَّمْيِ بِهَذِهِ الْبَعْرَةِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] نَزَلَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] تَقْدِيرُهُ عَلَى مَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ يَتَرَبَّصْنَ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.

(فَصْلٌ) :

وَمَا ذَكَرَتْهُ زَيْنَبُ مِنْ حُكْمِ الْحَوْلِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْكُنُ الْحَفْشَ وَتَلْبَسُ شَرَّ ثِيَابِهَا هُوَ مَعْنَى الْإِحْدَادِ فَذَكَّرَهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فِي مُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ لَيْسَ مِمَّا كُنَّ يَلْتَزِمْنَهُ فِي حَوْلٍ كَامِلٍ نَبَّهَهُنَّ عَلَى ذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُنَّ فِي الْتِزَامِ مَا أَمَرَهُنَّ اللَّهُ بِهِ وَخَفَّفَ عَنْهُنَّ فِيهِ مِنْ الْإِحْدَادِ وَلَا يَتَسَرَّعْنَ إلَى الْمَمْنُوعِ مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَوَجَبَ وَلَا يَسْتَثْقِلْنَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ الْحَفْشُ الْبَيْتُ الرَّدِيءُ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الْحَفْشُ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْحَفْشُ الدَّرَجُ وَجَمْعُهُ أَحْفَاشٌ وَلَعَلَّهُ شَبَّهَ الْبَيْتَ الصَّغِيرَ بِهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَتَفْتَضُّ بِهِ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ تَتَمَسَّحُ بِهِ كَالنَّشْرَةِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ تَفْتَضُّ تَمْسَحُ بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا تُنَظِّفُ بِهِ حَتَّى يَصِيرَ كَالْفِضَّةِ وَيَبْعُدُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ هَذَا، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى بِهِ مَا وَصَفَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى إنَّ مَعْنَى تَفْتَضُّ بِهِ تَتَمَسَّحُ بِهِ لَعَلَّهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تُقِيمُ حَوْلًا لَا تَغْتَسِلُ وَلَا تَمَسُّ طِيبًا فَيَكْثُرُ عَلَيْهَا الْوَسَخُ وَتَشْتَدُّ رَائِحَةُ الْعَرَقِ فَقَلَّمَا تَتَمَسَّحُ بِشَيْءٍ إلَّا مَاتَ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَعْشَى مِثْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ لِامْرَأَةٍ حَادٍّ عَلَى زَوْجِهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجَلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا كَانَ يَقُولَانِ فِي الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِهَا أَوْ شَكْوَى أَصَابَهَا أَنَّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى بِدَوَاءٍ أَوْ بِكُحْلٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَتْ الضَّرُورَةُ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ) .

(ش) : قَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجَلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ كُحْلُ الْجَلَاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ عِنْدَنَا الْإِثْمِدُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ فَيُقَوِّيهِ أَوْ يَجْلُو الْوَجْهَ فَيُحَسِّنُهُ، وَقَوْلُهَا وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ لَوْنًا ظَاهِرًا، وَلِذَلِكَ أَمَرَتْهَا بِمَسْحِهِ بِالنَّهَارِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَذَلِكَ عِنْدِي إذَا لَمْ تَدْعُ إلَى إيقَاعِهِ بِالنَّهَارِ ضَرُورَةٌ مِنْ شِدَّةِ مَرَضٍ وَمَخَافَةٍ عَلَى الْبَصَرِ وَبِذَلِكَ قَالَ سَالِمٌ وَسُلَيْمَانُ إنَّهَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا أَنَّهَا تَكْتَحِلُ وَلَمْ يَخُصَّا كُحْلًا مِنْ كُحْلٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَرَضِ وَمَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَإِبَاحَةُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْكُحْلِ وَالدَّوَاءِ طِيبٌ وَأَشَارَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ مَا أَبَاحَهُ مِنْ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا وَهِيَ حَادٌّ عَلَى زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ تَكْتَحِلْ حَتَّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَضَانِ) .

(ش) : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِالشِّدَّةِ فِي نَفْسِهَا فَصَبَرَتْ عَلَى مَا أَصَابَهَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَمَدٍ فِي عَيْنَيْهَا وَلَمْ تُكَحِّلْهُمَا وَأَشْفَقَتْ مِنْ مُعَالَجَتِهِمَا بِذَلِكَ حَتَّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَضَانِ وَالرَّمَضُ قَذًى أَبْيَضُ تَلْفِظُهُ الْعَيْنُ يُقَالُ عَيْنٌ رَمْضَاءُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015