. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا عَلَى مَعْنَى الْإِبَاحَةِ فَاسْتَثْنَى مِنْ التَّحْرِيمِ الْإِيجَابَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَةَ افْعَلْ بَعْدَ الْحَظْرِ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إنَّهَا تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا إحْدَادَ عَلَى أَمَةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ، وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عُمُومِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَلَى زَوْجٍ لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ كَالْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِمَوَالِي الْأَمَةِ مَنْعُهَا مِنْ الْإِحْدَادِ وَالْمَبِيتِ فِي مَوْضِعِ عِدَّتِهَا وَتَخْرُجُ بِالنَّهَارِ فِي حَوَائِجِهِمْ وَإِنْ أَرَادُوا بَيْعَهَا لَمْ يُلْبِسُوهَا وَلَا يَصْنَعُوا بِهَا مَا لَا يَجُوزُ لِلْحَادِّ قَالَهُ مَالِكٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْعُهَا مِنْهُ كَمِلْكِ الزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ هَذَا الْحُكْمِ بِالْوَفَاةِ، وَأَمَّا حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَدِيثِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا إحْدَادَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَيُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ مُطَلَّقَةٌ فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى فَارَقَ زَوْجَتَهُ وَهُوَ عَلَى نِهَايَةِ الْإِشْفَاقِ عَلَيْهَا وَالرَّغْبَةِ فِيهَا وَلَمْ تَكُنْ الْمُفَارَقَةُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَزِمَهَا لِذَلِكَ الْإِحْدَادُ وَإِظْهَارُ الْحُزْنِ وَالْمُطَلَّقَةُ فَارَقَهَا مُخْتَارًا لِفِرَاقِهَا مُقَابِحًا لَهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمُ الْإِحْدَادِ كَالْمُلَاعَنَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ إنَّ ابْنَتِي اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا أَفَتَكْحَلُهُمَا يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا، وَقَدْ بَرِئَتْ أَفَتَتَمَادَى عَلَى الِاكْتِحَالِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا وَهِيَ الْآنَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتْ فِي كُحْلٍ زِينَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ فِيمَا تُدَاوِي بِهِ الْعَيْنَ مِمَّا لَا زِينَةَ فِيهِ مِمَّا يُجْعَلُ خَارِجَ الْعَيْنِ أَوْ يُقَطَّرُ فِيهِ فَلَا تَكُونُ فِيهِ زِينَةٌ فَمَنَعَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى أَنَّهَا سَالِمَةٌ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ بِهَا إلَيْهِ، وَوَجَدْتُ لِمَالِكٍ - وَلَمْ أَتَحَقَّقْهُ - أَنَّهُ قَالَ لَا تَكْتَحِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالْإِثْمِدِ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهِ سَوَادٌ وَلَا بِصُفْرَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُغَيِّرُ الْأَلْوَانَ وَلَا تَكْتَحِلُ بِإِثْمِدٍ فِيهِ طِيبٌ وَلَا مِسْكٌ وَإِنْ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا وَإِنْ صَحَّتْ عَنْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهَا أَنْ لَا تَدْعُوَ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ فَقَدْ أَشَارَ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهَا تَكْتَحِلُ بِمَا فِيهِ صَبْرٌ إذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَهِمَ مِنْهُ خِفَّةَ الْمَرَضِ وَيَسَارَةَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَتَوَقُّفُهُ مِنْ غَيْرِ كُحْلٍ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِامْرَأَةٍ حَادٍّ عَلَى زَوْجِهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجَلَاءِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ، وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ إذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِهَا أَوْ شَكْوَى أَصَابَتْهَا أَنَّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى بِدَوَاءٍ أَوْ بِكُحْلٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إنْ اكْتَحَلَتْ مِنْ عِلَّةٍ وَضَرُورَةٍ بِالصَّبْرِ بِاللَّيْلِ فَلْتَمْسَحْهُ بِالنَّهَارِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ الصَّغِيرِ لَا تَكْتَحِلُ الْحَادُّ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ فَتَكْتَحِلَ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ مِنْ غَيْرِ طِيبٍ يَكُونُ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا أَنَّهَا لَمْ تُضْطَرَّ إلَى الطِّيبِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ بِمُدَّةِ الْإِحْدَادِ الْوَاجِبِ عَلَى زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، فَإِنْ ارْتَابَتْ هَذِهِ الْمُعْتَدَّةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِحْدَادَ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الرِّيبَةُ وَإِنْ بَلَغَتْ خَمْسَ سِنِينَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ