مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَك بِأَعْلَاهَا» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ السِّبَاخِ وَغَيْرِهَا وَأَصْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِغَيْرِ التُّرَابِ وَلَهُ فِي التُّرَابِ قَوْلَانِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يَتَيَمَّمُ بِرَمْلٍ لَا تُرَابَ فِيهِ وَلَا بِحَجَرٍ سَقَطَ عَنْهُ تُرَابُهُ فَذَهَبَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ قَوْله تَعَالَى فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا وَالصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ رَمْلًا أَوْ حَجَرًا قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالزُّجَاجُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَلَمْ يَخُصَّ تُرَابًا مِنْ غَيْرِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا جُزْءٌ طَاهِرٌ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ جِنْسِ الْأَصْلِ فَجَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالتُّرَابِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْجِيرِ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ عَنْ جِنْسِ أَصْلِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَلْ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ أَمْ لَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَتَيَمَّمُ بِهِ وَرَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا يَتَيَمَّمُ بِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمِلْحُ عِنْدِي عَلَى ضَرْبَيْنِ:
مَعْدِنِيٌّ بَحْتٌ مِنْ الْأَرْضِ كَالْحِجَارَةِ فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الزِّرْنِيخِ وَالْكُحْلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي يَجْمُدُ مِنْ الْمَاءِ فَحُكْمُهُ عِنْدِي حُكْمُ الثَّلْجِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ مِنْ الثَّلْجِ لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّنَاعَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الثَّلْجُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَيَتَيَمَّمُ بِهِ زَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَالْجَلِيدُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَوَى عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالثَّلْجِ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الثَّلْجَ جَامِدٌ إذَا قَصَدَ الْمُكَلَّفُ تَغْيِيرَ الْمَاءِ بِهِ لَمْ يَسْلُبْهُ ذَلِكَ حُكْمَ التَّطْهِيرِ فَجَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ حَالَ انْفِرَادِهِ كَالتُّرَابِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَعِيدٍ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالنَّبَاتِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي التَّيَمُّمُ مِنْ التُّرَابِ مَا يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِيَدِهِ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَضْرِبُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إذَا لَمْ يَكْمُلْ تَيَمُّمُهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الضَّرْبَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُجْزِئُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ وَيُجْزِيهِ لِذَلِكَ لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مَرْبُوطٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَرَوَى أَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي كَذَلِكَ.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مُحْدِثٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ حَدَثٍ وَلَا اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ كَالْحَائِضِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مُكَلَّفٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ حَدَثِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُهُ بِهِ كَاَلَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ يَجِدُ التُّرَابَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ أَصْبَغَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُعِيدُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ قَالَ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعِيدُ فَمَعْنَاهُ فِي الْمَرْبُوطِ عَلَى طَهَارَةٍ لَا يُصَلِّي إيمَاءً.
[مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ]
(ش) : قَوْلُهُ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ وَإِنْ كَانَ لَفْظًا عَامًّا فَهُوَ خَاصٌّ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ