. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصُومُ، وَإِنْ لَمْ تَصْبِرْ وَقَامَتْ بِهِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الصِّيَامُ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَفِي هَذَا حُكْمَانِ:
أَحَدُهُمَا التَّتَابُعُ، وَالثَّانِي خُلُوُّ الشَّهْرَيْنِ مِنْ مُجَامَعَةِ الزَّوْجَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَتَقَدُّمُهَا عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا التَّتَابُعُ فَإِنْ يَتَّصِلْ صِيَامُهَا وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِطْرٌ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ فِي صِيَامِ تَظَاهُرَ ابْتَدَأَ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ بَنَى إذَا صَحَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ لَمْ يُبَحْ لَهُ الْفِطْرُ لِعَجْزِهِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَخْفِيفِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ، وَالتَّتَابُعُ مِنْ بَابِ الْمَشَقَّةِ، وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ، فَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ لِعَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ كَالْحَائِضِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ مَعْذُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ مَرِيضًا ابْتَدَأَ الصِّيَامَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ بِاخْتِيَارِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ التَّتَابُعُ كَالِاحْتِلَامِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ جَامَعَ فِي صِيَامِ ظِهَارِهِ نَاسِيًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ، وَأَمَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَهُ زَمَنٌ يَمْنَعُ الصَّوْمَ بِالشَّرْعِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْمُجَامَعَةِ فَهُوَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] ، وَذَلِكَ يُوجِبُ تَمَامَ صَوْمِهِمَا قَبْلَ الْمُلَامَسَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا لِشَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، وَإِنْ جَامَعَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ غَيْرَهَا نَهَارًا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ، وَالْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ إنْ وَطِئَهَا لَيْلًا لَمْ يَبْطُلْ صِيَامُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] فَجَعَلَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الصِّيَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ الَّذِي بِهِ يَتَخَلَّصُ مِنْ حُكْمِ الظِّهَارِ فَمَنْ جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الصِّيَامَ فَلَمْ يَأْتِ بِصِيَامِ الشَّهْرَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَمَاسَّا فَلَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ مِنْ صَوْمِ الظِّهَارِ كَالْوَاخِذِ بِالْعَدَدِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ شَرَعَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَمَامِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْكَفَّارَةَ مِنْ أَوَّلِهَا، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إتْمَامِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْكَفَّارَةَ مِنْ أَوَّلِهَا، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ التَّمَادِي بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ إذَا ابْتَدَأَ الْكَفَّارَةَ، وَهُوَ مُجْمِعٌ عَلَى إمْسَاكِهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَتَى بِالْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ لَيْسَتْ لَهُ بِزَوْجَةٍ فَلَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ لِلْكَفَّارَةِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ بِهَا، فَإِذَا ابْتَدَأَهَا فِي وَقْتٍ يَصِحُّ فِيهِ التَّكْفِيرُ لَمْ يَمْنَعْ مَا يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ الصِّيَامَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ، وَهَذَا عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَاحْتِجَاجِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْتَجِعَ ثُمَّ يُكَفِّرَ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَجِعَ وَقَبْلَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهَذَا إذَا صَامَ أَوْ أَطْعَمَ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَمَادَى عَلَى صِيَامِهِ فَقَدْ رَوَى فِي الْمُزَنِيَّة مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ أَتَمَّ صِيَامَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ صَامَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ بِزَوْجَةٍ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الصِّيَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ بِصِيَامٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِإِطْعَامٍ فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ إتْمَامِهَا فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ تَبْطُلُ الْكَفَّارَةُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا اسْتَأْنَفَ الْإِطْعَامَ كُلَّهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَبْنِي عَلَى الْإِطْعَامِ وَيَبْتَدِئُ الصِّيَامَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ يُبْطِلُهَا تَخَلُّلُ الْوَطْءِ فَأَبْطَلَهَا تَخَلُّلُ الْبَيْنُونَةِ كَالصِّيَامِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْإِطْعَامَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ التَّتَابُعُ فَلَمْ يَبْطُلْ بِالْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ الصِّيَامِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وقَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] يَقْتَضِي أَنَّ جَوَازَ الْإِطْعَامِ مُرَتَّبٌ عَلَى