. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الشَّرْعِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ فَلَيْسَتْ بِمُدَّةٍ لِلْإِيلَاءِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إيلَاءً إذَا عَلَّقَهُ لِلْأَبَدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إيلَاؤُهُ لِمُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ أَوْ مُؤَبَّدَةٍ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ فَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَالْكَلَامُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ بِنَفْسِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِنْدَهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةُ الْإِيلَاءِ وَعِنْدَهُ لَا بُدَّ أَنْ يُوقَفَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إيلَاءً مَحْضًا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ وَطْئِهَا كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَبَدًا سَنَةً فَهَذَا أَوَّلُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ يَوْمَ يَمِينِهِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ يَمِينُهُ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ وَلَكِنَّهَا تُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُكَلِّمْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَهَذِهِ الْيَمِينُ لَمْ تَتَنَاوَلْ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَلَكِنَّهَا تُفْضِي إلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صُورَةُ حَالِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ صُورَةَ الْحَانِثِ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ الْوَطْءَ حَتَّى يَبَرَّ بِأَنْ يُكَلِّمَ فُلَانًا أَوْ يَدْخُلَ الدَّارَ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا بِسَبَبِ يَمِينِهِ فَيَضْرِبُ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ، وَأَوَّلُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ يَرْفَعُهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَرَى فِي ذَلِكَ ضَرْبَ الْأَجَلِ وَيَضْرِبُهُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) وَلَوْ حَلَفَ وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ إيلَاءٌ؛ لِأَنَّ بَعْدَ يَمِينِهِ حَالُ بِرٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَمَادَى عَلَيْهِ كَانَ بَارًّا أَبَدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَقَالَ بِهِ فِيمَا بَلَغَنَا بِضْعَةَ عَشْرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ تَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] .

فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ حَقًّا لِتَرَبُّصِ الزَّوْجِ، وَمَا كَانَ حَقًّا لَهُ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ الْفَيْئَةُ أَوْ الطَّلَاقُ كَأَجَلِ الدَّيْنِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا لَفْظٌ لَا يَقَعُ بِهِ وَلَا بِبَعْضِهِ طَلَاقٌ مُعَجَّلٌ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ حَتَّى يُوقَفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ يَقْتَضِي مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا طَلَبُ الزَّوْجَةِ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ عَلَى مُقْتَضَى يَمِينِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَأْتِهِ الْمَرْأَةُ أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ فَيُوقِفَهُ لَعَلَّهَا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الْمُزَنِيَّة.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ إلَّا أَنْ تَتْرُكَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِإِيقَافِهِ فَهُوَ حَقٌّ تَرَكْته إلَّا أَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ مَتَى شَاءَتْ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ فَيُوقِفُ لَهَا مَكَانَهُ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: وَتَحْلِفُ مَا كَانَ تَرَكَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ إلَّا عَلَى أَنْ تَنْتَظِرَ ثُمَّ يُوقِفَ مَكَانَهُ دُونَ أَجَلٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَصْبَغُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الضَّرَرِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَ مِمَّا يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ كَالرِّضَى بِالْأَثَرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَأَرَادَتْ الصَّبْرَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَلِلسَّيِّدِ إيقَافُهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْبَغُ فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهَا، وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَتَرْكُهُ جَمِيعًا أَشَدُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَصْبَغُ: وَإِنْ رَضِيَ السَّيِّدُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَلَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ الْأَمَةُ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهَا ذَلِكَ وَكَانَ لَهَا الْقِيَامُ وَمُطَالَبَةُ الزَّوْجِ وَتَوْقِيفُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015