بؤسه، فَقَالَ له، أما علمت أن هَذَا يوم بؤسي!؟ قَالَ: بلى. قَالَ [1] : فما حملك عَلَى ذلك وأنت تعلم أني أقتلك؟ قَالَ: أيها الملك إن لي ابنة عم ميعادي وإياها اليوم، فعرضت عَلَى نفسي أن [2] أتخلف مع الحياة، أو أخرج فأنال حاجتي وأقتل فاختارت الخروج مع القتل. قال النعمان: فاذهبوا به فاضربوا عنقه. فَقَالَ الرجل: أيها الملك دعني أذهب فأنال حاجتي وشأنك والقتل. قَالَ: ومن يضمن لي أن ترجع إلي [3] .
فالتفت إِلَى كاتب النعمان فَقَالَ: هَذَا يضمنني. قَالَ: أتضمنه قَالَ: نعم.
قَالَ: إن [لم] [4] يجيء قتلتك. قَالَ: نعم.
فضرب له النعمان أجلا وخلى سبيله، ثم إن الرجل أتى بعد ذلك فَقَالَ له النعمان: ما حملك عَلَى المجيء وأنت تعلم أني أقتلك؟ قَالَ، خفت [5] أن يقال ذهب الوفاء. فالتفت إِلَى كاتبه وَقَالَ له: ما حملك عَلَى أن تضمن من لا تعرف وأنت تعلم أنه إن لم يعد قتلتك [6] . قَالَ: أيها الملك، خفت [7] أن يقال ذهب الكرم. قَالَ النعمان:
وأنا أيضا أخاف [8] أن يقال: ذهب العفو، خلوا سبيله.
أَخْبَرَنَا سَعِيد بْن أحمد بْن الحسن البناء قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِم بْنُ الْحَسَنَ قَالَ:
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا الحسين بْن صفوان قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر القرشي [9] قَالَ: حدثني عَبْد الرَّحْمَن بْن عبيد الله بْن قريب الأصمعي قَالَ: أَخْبَرَنَا عمي قَالَ: أَخْبَرَنَا عامر بْن عَبْد الملك قَالَ:
خرج زياد حَتَّى أتى حرقة ابنة النعمان بْن المنذر، وقد لبست المسوح، فَقَالَ:
حدثيني عَنْ أهلك، فقالت: أصبحنا وما فِي العرب أحد إلا يرجونا أو يخافنا، وأمسينا وما في العرب أحدّ إلا يرحمنا.