كسرى عَلَى ذلك [1] شهرا، والنعمان يتوقع ويستعد، حَتَّى أتاه كتاب كسرى أن أقبل فللملك إليك حاجة، فحمل سلاحه وما قدر عَلَيْهِ [2] ، فلحق بجبل طيِّئ فأبت طيِّئ أن تمنعه، وَقَالُوا: لا حاجة لنا بمعاداة كسرى ولم يقبله غير بني رواحة بْن عبس، فنزل بطن ذي قار، ثم رأى أنه لا طاقة لَهُ بكسرى فرحل إليه، فلما بلغ كسرى مجيئه قَالَ: اجعلوا عَلَى طريقة ألف [3] جارية عذراء فِي قمص رقاق وغيبوا عنهن الناس إلا الخصيان، فأقبل ينظر إليهن حَتَّى وقف بين يدي كسرى وبينهما ستر [رقيق] [4] فَقَالَ: إن الذي بلغك عني [5] باطل: فَقَالَ كسرى، حسبي ما سمع به [6] الناس.

ثم أمر به فقيد وبعث إِلَى خانقين، فلم يزل فِي السجن حَتَّى وقع طاعون فمات به [7] .

وقيل: بل رماه بين يدي الفيلة فداسته [حَتَّى هلك] [8] .

فَقَالَ الشاعر فيه:

لهفي عَلَى النعمان من هالك ... لم نستطع تعداد ما فيه

لم تبكه هند ولا أختها ... حرقة واستعجم ناعيه

بين فيول الهند يخبطنه ... مختبطا تدني نواحيه

[9] وَرَوَى عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحميد الدمشقي قَالَ [10] : كان للنعمان بْن المنذر يومان [11] : يوم بؤس ويوم كرم، وكان لا يأخذ أحدا يوم بؤسه إلا قتله، فأتي برجل يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015