117/ أفاتفق في آخر عمره أن تفقده/ بعض الأكابر فحكى لي عنه أنه كان يقول أنا كنت أنسخ طول عمري لا أقدر على دجاجة فانظر كيف بعث لي الدجاج والحلوى في وقت لا اقدر أن آكله. وهذا من جنس اعتراضات ابن الريوندي [1] وكنت أنا أتأمل عليه إذا قام إلى الصلاة فأكون في أوقات إلى جانبه فلا أرى شفتيه تتحرك أصلا. وكتب إلي في قصيدة أنشأها، بخطه:
وا حيرتا من وجود ما تقدمنا ... فيه اختيار ولا علم فتقتبس
ونحن في ظلمات ما لها قمر ... يضيء فيها ولا شمس ولا قبس
مدلفين [2] حيارى قد تكنفنا ... جهل تجهمنا في وجهه عبس
والفعل [3] فيه بلا ريب كلا عمل ... والقول فيه كلام كله هوس
وله في أخرى يذم الدنيا:
لا توطنها فليست بمقام ... واجتنبها فهي دار الانتقام
أتراها صنعة من صانع ... أم تراها رمية من غير رامي
117/ ب فلما كثر عثوري على هذا منه وعجز تأويلي له هجرته/ سنين ولم أصل عليه حين مات.
وحكي عنه أبو يعلى المقرئ قال كنا عنده فسمع صوت الرعد فقال فوق خباط وأسفل خباط.
قال أبو يعلى: وقال أبياتا أخذتها منه بخطه وهي:
نظرت بعين القلب ما صنع الدهر ... فألقيه غرا وليس له خبر
فنحن سدى فيه بغير سياسة ... نروح ونغدو قد تكنفنا الشر
فلا من يحل الزيج وهو منجم ... ولا من عليه الوحي ينزل والذكر
يحل لنا ما نحن فيه فنهتدي ... وهل يهتدي قوم أضلهم السكر