وفي يده مروحة يتروح بها وليس عنده أحد يقرأ كما تفعل القصاص، وقرأت عليه كثيرا من الحديث والتفسير، وكان نعم المؤدب، يأمر بالإخلاص وحسن القصد، وكان ينشد:
كيف احتيالي وهذا في الهوى حالي ... والشوق أملك بي من عذل عذالي
وكيف أسلو وفي حبي له شغل ... يحول بين مهماتي وأشغالي
وبنى رباطا بقراح ظفر، فاجتمع جماعة من المتزهدين فلما احتضر قال له أصحابه: أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله، ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا. ثم قال لبعض أصحابه:
انظر هل ترى جبيني يعرق؟ قال: نعم فقال: الحمد للَّه هذه علامة المؤمن. يريد بذلك قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المؤمن يموت بعرق الجبين [1] » ثم بسط يده عند الموت، وقال:
ها قد مددت يدي إليك [2] فردها ... بالفضل لا بشماتة الأعداء
وهذا البيت لأبي نصر القشيري تمثل به شيخنا هذا، وقال: أرى المشايخ بين أيديهم أطباق وهم ينتظرونني، ثم مات ليلة الأربعاء منتصف رمضان هذه السنة، ودفن في رباطه وجاء الغرق في سنة أربع وخمسين فهدم تلك المحلة والرباط وعفي أثر القبر.
[3] :
من أهل نيسابور، وأبوه من أهل ثغر فراوة، سكن نيسابور فولد محمد بها على 140/ ب سبيل التقدير/ في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، سمع صحيح البخاري من أبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيار، وسمع صحيح مسلم من أبي الحسين عبد الغافر الفارسيّ،