[المجلد السابع عشر]

ثم دخلت سنة ست وثمانين واربعمائة

بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم صلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وصحبه فمن الحوادث فيها:

أنه كان قد قدم إلى بغداد في شوال سنة خمس وثمانين رجل من أهل مرو واسمه أردشير بن منصور أبو الحسين العبادي، ثم خرج إلى الحج، فلما قدم جلس في النظامية سنة ست، وحضره أبو حامد الغزالي المدرس بها، وكان الغزالي يحاضره ويسمع كلامه منذ قدم بغداد، فلما جلس كثر الناس عليه حتى امتلأ صحن المدرسة وأروقتها وبيوتها وغرفها وسطوحها، وعجز المكان فكان يجلس في قراح ظفر، وفي كل مجلس يتضاعف الجمع وذرعت الأرض التي عليها الرجال خاصة فكان طولها مائة وسبعين ذراعا وعرضها [1] مائة وعشرين ذراعا، وكان النساء أكثر من ذلك، فكانوا على سبيل الحزر ثلاثين ألفا، وكان صمت هذا الرجل أكثر من نطقه، وكانت آثار الزهادة بينة عليه، وكان إذا تكلم كلمة ضجوا وهاموا، وترك أكثر الناس معايشهم، وحلق أكثر الصبيان شعورهم، وأووا إلى المساجد والجوامع، وتوفروا على الجماعات، وأريقت الأنبذة والخمور، وكسرت آلات الملاهي.

وحكي إسماعيل بن أبي سعد الصوفي قال [2] : كان العبادي ينزل رباطًا وكان في الرباط بركة كبيرة [3] يتوضأ فيها، فكان الناس ينقلون منها الماء بالقوارير والكيزان تبركا حتى كان يظهر فيها نقصان الماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015