لا يثبت إلا ما نرى فمن هاهنا دخل الإلحاد على جهال العوام الذين يستثقلون الأمر والنهي، وهم يرون أن لنا هذه الأجساد الطويلة العميقة التي تنمي ولا يعد [1] وتقبل الأغذية وتصدر عنها الأعمال المحكمة كالطب، والهندسة، فعلموا أن ذلك صادر عن أمر وراء هذه الأجساد المستحيلة وهو الروح والعقل، فإذا سألناهم هل أدركتم هذين الأمرين بشيء من إحساسكم؟ قالوا: لا لكنا أدركناهما من طريق الاستدلال بما صدر عنهما من التأثيرات. قلنا: فما بالكم جحدتم الإله حيث فقدتموه حسا مع ما صدر عنه من إنشاء الرياح والنجوم، وإدارة الأفلاك، وإنبات الزرع، وتقليب الأزمنة؟ وكما أن لهذا الجسد روحا وعقلا بهما قوامه، ولا يدركهما الحس، لكن شهدت بهما أدلة العقل من حيث الآثار، كذلك الله سبحانه وتعالي، وله المثل الأعلى، ثبت بالعقل لمشاهدة الإحساس من آثار صنائعه، وإتقان أفعاله. قَالَ: فحكى لي أنه أعاده عليه فاستحسنه، وهش إليه، ولعن أولئك، وكشف إليه ما يقولون له [2] ثم إن السلطان ملك شاه قدم بغداد وبعت إلى الخليفة يقول له: تنح عن بغداد. فقال: أجلني عشرة أيام على ما سبق ذكره في حوادث [السنين] [3] فتوفي السلطان في ليلة الجمعة النصف من شوال، وقد ذكروا في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها: أنه خرج إلى الصيد بعد صلاة العيد فأكل من لحم الصيد وافتصد فحم فمات. والثاني: أنه طرقته حمى حادة فمات.

والثالث: أن خردك سمه في خلال هلك به، وكان عمره سبعا وثلاثين سنة، ومدة ملكه تسع عشرة سنة وأشهر، ودفن في الشونيزية، ولم يصل عليه أحد.

3630- المرزبان بن خسرو [4] ، أبو الغنائم الملقب [5] تاج الملك

[6] .

وهو الذي بنى التاجية ببغداد، وبنى تربة الشيخ [7] أبي إسحاق، وعمل لقبره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015