فامتنع وقال: حتى أصلى وأعيّد ثم نكفى إلى الديوان، فروجع وأحضر وأنكر عليه إقدامه علي فتح الجامع وهو مغلق، وقد علم أنه لا خبر للناس من هذا الأمر محقق، وقال له: قد كان يحبب أن تحضر الديوان العزيز، وتنهى الحال ليحيط به العلم الشريف، ويتقدم فيما يوجبه ويقتضيه. وأغلظ له فيما خاطبه فاعتذر، وقال: ما فعلت مما فعلته إلا ثقة بنفسي، وبعد أن وضحت [1] الصورة عندي، وكان قد حضرني البارحة ثمانية أنفس من جيراني أثق بقولهم فشهدوا عندي جميعا بمشاهدة الهلال، فقطعت بذلك وحكمت [2] وأفطرت وأفطر الناس في باب البصرة، وخرجوا اليوم [3] قاصدين/ جامع المدينة، ولم أعلم أن هذا لم يشع، فحضرت وأنكرت كون الجامع مغلقا، ثم 4/ ب جاء قوم فشهدوا برؤية الهلال.
فقال رئيس الرؤساء لقاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني: ما عندك في هذا؟
فقال: أما مذهب أبي حنيفة الذي هو مذهبي فلا تقبل مع صحو السماء، وجواز ما يمنع من مشاهدة الهلال إلا قول العدد الكثير الذي يبلغ مائتين، وأما مذهب الشافعي رضي الله عنه [4] [الذي] هو مذهب [هذا] [5] الشريف فإنه يقطع بشهادة اثنين في مثل هذا.
وطولع الخليفة بالحال، فأمر بالنداء أن لا يفطر أحد، فأمسك من كان أكل، وكان والد القاضي أبي الحسين قد مضى إلى جامع القطيعة فصلى بالناس وعيد، وكذلك في جامع الحربية ولم يعلموا [6] بما جرى.
وفي هذه السنة: أقيم الأذان في المشهد بمقابر قريش، ومشهد العتيقة، ومساجد الكرخ: «بالصلاة خير من النوم» ، وأزيل ما كانوا يستعملونه في الأذان «حي على خير العمل» وقلع جميع ما كان علي أبواب الدور والدروب من «محمد وعلي خير البشر» ودخل إلى الكرخ منشدو أهل السنة من باب البصرة، فأنشدوا الأشعار في مدح