فصل

[1] وكان مزدك [2] رجلا يدعو الناس إِلَى ملة زراذشت الذي ذكره تقدم [3] ، ودعواه نبوة المجوس، وكان مزدك يلبس الصوف ويتزهد، ويكثر الصلاة تقربا إِلَى العوام، وكان هو وأصحابه يزعمون أنه من كان عنده فضل من الأموال والأمتعة والنساء فليس هو بأولى به من غيره [4] ، وحث الناس عَلَى التأسي به فِي أموالهم وأهلهم [5] ، وزعم أنه من البر [6] الذي يرضاه الله ويثيب عَلَيْهِ، فاغتنم السفلة ذلك وتابعوا مزدكا وأصحابه، فتم للعاهر قضاء نهمته بالوصول [7] إِلَى الكرائم، فابتلي الناس بهم، وقوي أمرهم، حَتَّى كانوا يدخلون عَلَى الرجل داره فيغلبون عَلَى أمواله وأهله، وحملوا قباذ عَلَى تزيين ذلك، وَقَالُوا له [8] : إنك قد أثمت فيما مضى، وليس يطهرك من هَذَا [9] إلا إباحة نسائك، وأرادوه [على] [10] أن يدفع نفسه إليهم فيذبحوه ويجعلوه قربانا للنار، وكان قباذ من خيار ملوكهم حَتَّى حمله مزدك [11] عَلَى ما حمله، فانتشرت الأطراف، وفسدت الثغور [12] .

وكانت أم أنوشروان يوما بين يدي قباذ، فدخل عَلَيْهِ مزدك، فلما رآها قَالَ لقباذ:

ادفعها إليَّ لأقضي حاجتي منها. فقال: دونكها. فوثب أنوشروان، فجعل يسأله ويضرع إليه أن يهب له أمه إِلَى أن قبل رجله، فتركها، فبقي ذلك في نفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015