وسرها، وبنت له عندها منزلا، وعاد إِلَى العراق ثانية، فقدم بأكثر من ذلك طرفا من الجواهر [1] ، والبز، والخز، والقز، والديباج، فازداد مكانه عندها [2] ، وازدادت منزلته عندها، ورغبتها فيه، ولم يزل قصير يتلطف حَتَّى عرف موضع النفق الذي تحت الفرات، والطريق إليه.

ثم خرج ثالثة فقدم بأكثر من الأوليين طرائف ولطائف، فبلغ مكانه [منها] [3] وموضعه عندها إلى أن كانت تستعين به فِي مهمها وملمها، فاسترسلت إليه وعولت عَلَيْهِ فِي أمورها كلها [4] . وكَانَ قصير رجل حسن العقل والوجه، حصيفا أديبا لبيبا، فقالت له يوما: أريد أن أغزو البلد الفلاني من أرض الشام، فاخرج إِلَى العراق فأتني بكذا وكذا من السلاح والكراع والعبيد والثياب/ فَقَالَ قصير: ولي فِي بلاد عمرو بْن عدي ألف بعير وخزانة من السلاح فيها كذا وكذا، وما يعلم عمرو بْن عدي [5] بها، ولو علم لأخذها واستعان بها عَلَى حربك، وكنت أتربص به المنون وأنا أخرج متنكرا من حيث لا يعلم فآتيك بها مع الذي سألت.

فأعطته من المال ما أراد، وَقَالَت: يا قصير، الملك يحسن بمثلك وعلى يد مثلك يصلح أمره، ولقد بلغني أن أمر جذيمة كان إيراده وإصداره إليك، وما تقصر يدك عَنْ شَيْء تناله يدي، ولا يقعد بك حال تنهض بي.

فسمع كلامها رجل من خاصة قومها، فَقَالَ: أسد خادر وليث زائر، قد تحفز للوثبة. ولما رأى قصير مكانه منها وتمكنه من قلبها، قَالَ: الآن طاب المصاع. وخرج من عندها، فأتى عمرو بْن عدي وَقَالَ: أصبت الفرصة من الزباء فانهض فعجل الوثبة، فَقَالَ له عمرو: قل يسمع [6] ، ومر أفعل، فأنت طبيب هَذِهِ القرحة، فَقَالَ: الرجال والأموال. فَقَالَ: حكمك فيما عندنا مسلط. فعمد إِلَى ألفي رجل من فتاك قومه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015