إبراهيم بن مخلد أخبرنا [1] إسماعيل بن علي الخطبي قال: سقطت [2] رأس القبة/ الخضراء التي في قصر أبي جعفر المنصور لتسع [3] خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين، وكان تلك الليلة مطر عظيم، ورعد هائل، وبرق شديد، وكانت هذه القبة تاج بغداد، وعلم البلد، ومأثرة من مآثر بني العباس عظيمة، بنيت أول ملكهم، وكان بين بنائها وسقوطها مائة وسبع وثمانون سنة.
أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي بن ثابت [الخطيب قَالَ:] [4] أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصري قال: حدثني أبي قال: قال لي أبو الحسين بن عياش [5] :
اجتمعت في أيام المتقي باللَّه إسحاقات كثيرة، فانسحقت خلافة بني العباس في أيامه، وانهدمت قبة المنصور الخضراء التي كان بها فخرهم فقلت له: ما كانت الإسحاقات؟
قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي، يكنى: أبا إسحاق، وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي [6] ، وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد، وكانت داره القديمة في دار إسحاق بن إبراهيم المصعبي وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج [7] .
واشتد الغلاء في جمادى الأولي وزاد [8] ، وبلغ الكر الدقيق مائة وثلاثين دينارا، وأكل الناس النخالة والحشيش، وكثر الموت حتى دفن جماعة في قبر واحد بلا صلاة، ولا غسل، ورخص العقار والقماش حتى بيع ما ثمنه دنانير بعددها دراهم.
وفي هذه السنة خَرَجَ التشرينان [9] والكانونان وشباط بلا مطر [إلا مطرة واحدة