فتزودوا من ثعلب فبكاس ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب

وأرى لكم أن تكتبوا [1] أنفاسه ... إن كانت الأنفاس [2] مما يكتب

فليلحقن بمن مضى متخلف ... من بعده وليذهبن ونذهب [3]

قال المبرد: خرجت ومعي أصحاب لي نحو الرقة، فإذا نحن بدير كبير، فأقبل إلي بعض أصحابي [فقال] : مل بنا إلى هذا الدير لننظر من فيه، ونحمد الله سبحانه وتعالى على ما رزقنا من السلامة، فلما دخلنا الدير رأينا مجانين مغللين [4] ، [وهم] في نهاية القذارة وإذا بينهم شاب [عليه بقية ثياب] [5] ناعمة، فلما بصر بنا قَالَ: من أين أنتم يا فتيان حياكم الله؟ فقلنا: من العراق، فقال: يا بأبي العراق وأهلها! باللَّه أنشدوني- أو أنشدكم- فقال المبرد: والله إن الشعر من هذا لظريف، فقلنا: أنشدنا، فأنشأ يقول:

الله يعلم أنني كمد ... لا استطيع أبث ما أجد

روحان لي روح تضمنها ... بلد [6] وأخرى حازها بلد

وأرى المقيمة ليس ينفعها ... صبر ولا يقوى لها جلد

وأظن غائبتي كشاهدتي ... بمكانها تجد الذي أجد

قَالَ المبرد [والله] إن هذا لظريف، باللَّه زدنا، فأنشأ يقول:

لما أناخوا قبيل الصبح عيرهم ... ورحلوها فثارت بالهوى الابل

وأبرزت من خلال السجف ناظرها ... ترنو إلى ودمع العين منهمل [7]

وودعت ببنان عقدها عنم ... ناديت لا حملت رجلاك يا جمل

ويلي من البين ماذا حل بي وبهم ... من نازل البين حان البين وارتحلوا [8]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015