فلما قدم عَلَيْهِ ادعى النبوة وأراده عَلَى قبول دينه فامتنع من ذَلِكَ ثُمَّ صدقه، وقبل مَا دعاه إِلَيْهِ، وأتاه بِهِ من كتاب ادعاه وحيا، فكتب فِي جلد اثني عشر ألف بقرة حفرا فِي الجلود، ونقشا بالذهب، وصير بشتاسب ذَلِكَ فِي موضع من إصطخر، ووكل به الهرابذة، ومنع تعليمه العامة، وألزم رعيته بقبول قَوْل زرادشت، وقتل مِنْهُم مقتله عظيمة حَتَّى قبلوا ذَلِكَ ودانوا بِهِ، وبنى بالهند بيوت النيران، وتنسك وتعبد.
وَقَالَ عَمْرو بْن بحر الجاحظ: جاء زرادشت من بلخ، وَهُوَ صاحب المجوس، وادعى أَن الوحي نزل عليه عَلَى جبل سيلان، فدعى [أَهْل] [1] تلك النواحي الباردة الَّذِينَ لا يعرفون إلا البرد، وجعل الوعيد يضاعف البرد، وأقر بأنه لَمْ يبعث إلا إِلَى أَهْل الجبال فَقَط، وشرع لأَصْحَابه التوضؤ بالأبوال، وغشيان الأمهات، وتعظيم النيران مَعَ أمور سمجة.
قَالَ: ومن قَوْل زرادشت: كَانَ اللَّه وحده ولا شَيْء مَعَهُ، فلما طالت وحدته فكر فتولد من فكره إِبْلِيس، فلما مثل بَيْنَ يديه أراد قتله فامتنع منه، فلما رأى امتناعه وادعه إِلَى مدة، وسالمه إِلَى غاية.
وَمَا زال مذهب زرادشت معمولا بِهِ إِلَى زمان كسرى أنوشروان، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي منع من اتباع ملة زرادشت، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ كَانَ للمجوس نبي وكتاب إلا أَنَّهُ لا يتحقق مَتَى كَانَ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو زرعة طاهر بْن مُحَمَّد المقدسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مَنْصُور بْن علان (ح) .
وأخبرتنا فاطمة بنت الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الرازي، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِي الخطيب، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن الْحَسَن الحيري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو العباس الأصم، قال: حدثنا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنْ سَعِيد بْن المرزبان، عَنْ نصر بْن عَاصِم، قَالَ: قَالَ فروة بْن نوفل:
عَلَى مَا تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب، فقام إِلَيْهِ المستورد فأخذ