أدخلت المدينة مع ابنها، فلما أصبح الناس من الغد طلبوا من الحسين بن علي الأرزاق، وهاج الناس بعضهم في بعض، وقام محمد بن أبي خالد بباب الشام وقَالَ:

والله ما أدري بأي سبب يتأمر [1] الحسين بن علي علينا، ويتولى [2] هذا الأمر دوننا، وما هو بأكبرنا سنا، ولا أكرمنا/ حسبا، وإني أولكم أنقض عهده، وأظهر التغير عليه، فمن كان رأيه معي فليعتزل معي [3] .

وقام أسد الحربي فَقَالَ: هذا يوم له ما بعده، إنكم قد نمتم [وطال نومكم] [4] فقدم عليكم غيركم، وقد ذهب أقوام بذكر خلع محمد وأسره، وأذهب بذكر فكه وإطلاقه.

وجاء شيخ كبير فَقَالَ: أقطع محمد أرزاقكم؟ قالوا: لا. قَالَ: فهل قصر بأحد من رؤسائكم؟ قالوا: لا. قال: فما بالكم خذلتموه! انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عنه [5] .

فنهضوا فقاتلوا الحسين بن علي وأصحابه قتالا شديدا، وأسر الحسين ودخل أسد الحربي عَلَى محمد، فكسر قيوده، وأقعده [6] في مجلس الخلافة، فنظر محمد إلى قوم ليس عليهم لباس الجند ولا عليهم سلاح، فأمرهم فأخذوا من السلاح الذي في الخزائن حاجتهم، ووعدهم ومنّاهم، وانتهب الغوغاء بذلك السبب سلاحا كثيرا ومتاعا، وأتى الحسين بن علي فلامه محمد على خلافه، وقَالَ: ألم أقدم أباك على الناس، وأوليه أعنة الخيل، وأملأ يده بالأموال! قَالَ: بلى: قَالَ: فبم استحققت منك أن تخلع طاعتي، وتندب الناس إلى قتالي. قَالَ: الثقة بعفو أمير المؤمنين وحسن الظن به. قَالَ: فإن أمير المؤمنين قد فعل ذلك بك، وولّاك الطلب بثأر أبيك، ومن قتل من أهل بيتك.

ثم دعا له بخلعة فخلعها عليه، وولاه ما وراء بابه، وحمله على مراكب، وأمره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015