ولما قرأ الذين وردت عليهم كتب محمد بطوس من القواد والجند وأولاد هارون، تشاوروا في اللحاق بمحمد، فقال الفضل بن الربيع: لا أدع ملكا حاضرا لآخر، ما ندري ما يكون من أمره. وأمر الناس بالرحيل، ففعلوا ذلك محبة منهم للحوق بأهليهم ومنازلهم ببغداد، وتركوا العهود التي كانت أخذت عليهم للمأمون، فانتهى الخبر بذلك من أمرهم إلى المأمون بمرو، فجمع من معه من قواد أَبِيهِ، منهم: عبد الله بن مالك، ويحيى بن معاذ، وشبيب بن حميد بن قحطبة، وذو الرئاستين [وهو] [1] عنده من أعظم [الناس] [2] قدرا، وأخصهم به، فأخبرهم وشاورهم، فأشاروا عليه أن يلحقهم في ألفي فارس جريدة، فيردهم، فدخل عليه ذو الرئاستين فَقَالَ: إن فعلت ما أشاروا عليك جعلت هؤلاء هدية إلى محمد [3] ، ولكن الرأي أن تكتب كتابا، وتوجه إليهم رسولا، فتذكرهم البيعة، وتسألهم الوفاء، وتحذرهم الحنث، وما يلزمهم في ذلك في الدين والدنيا، فتستبرئ ما عند القوم. فكتب كتابا، ووجهه مع سهل بن صاعد، ونوفل الخادم، فلحقاهم بنيسابور قد رحلوا ثلاث مراحل.

فقال الفضل بن الربيع: إنما أنا رجل واحد منهم. وشد على سهل عبد الرحمن/ ابن جبلة بالرّمح [4] ، وقَالَ: قل لصاحبك: والله لو كنت حاضرا لوضعت الرمح في فيك، هذا جوابي. ونال من المأمون، فرجعا بالخبر.

فقيل للمأمون: أعداء قد استرحت [منهم] [5] ، فابعث إلى الفقهاء فادعهم إلى الحق والعمل به، وأحياء السنة [6] .

ففعل، وحط عن خراسان ربع الخراج، ورد المظالم، وأقام على ولايته، وكاتب الأمين بالتعظيم منهم، وأهدى له هدايا كثيرة من فنون الطرف [7] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015