أن الله قد اختار لأمير المؤمنين أفضل الدارين، وأجزل الحظين، فقم في أمرك قيام ذي الحزم، والناظر لأخيه وسلطانه، وعامة المسلمين، وإياك أن يغلب عليك الجزع، فإنه يحبط/ الأجر، ويعقب الوزر، وصلوات الله على أمير المؤمنين حيا وميتا، وإنا للَّه وإنا إليه راجعون، ثم إنا للَّه وإنا إليه راجعون وخذ البيعة على من [1] قبلك من قوادك وجندك، وخاصّتك وعامّتك، لأخيك ثم لنفسك، ثم للقاسم ابن أمير المؤمنين، على الشرط التي جعلها لك أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فإنك مقلد من ذلك ما قلدك الله وخليفته، فاعلم من قبلك رأيي في صلاحهم، وسد خلتهم، والتوسعة عليهم، فمن أنكرته عند بيعته، أو اتهمته على طاعته، فابعث إلي برأسه، وإياك وإقالته، فإن النار أولى به. واكتب إلى عمال ثغورك، وأمراء أجنادك بما طرقك من المصيبة بأمير المؤمنين، وأعلمهم أنّ الله لم يرض الدّنيا ثوابا له حتى قبضه إلى رحمته وجنته [2] ، مغبوطا محمودا. ومرهم أن يأخذوا البيعة عَلَى أجنادهم وخواصهم وعوامهم على مثل ما أمرتك به، وأوعز إليهم في ضبط ثغورهم، والقوّة على عدوهم، وأعلمهم أني متفقد أحوالهم، ولام شعثهم، وموسّع عليهم، واعمل فيما تأمر به لمن حضرك أو نأى عنك من أجنادك، على حسب ما ترى وتشاهد، فإن أخاك يعرف حسن اختيارك، وصحة رأيك، وبعد نظرك، وهو يستحفظك الله، ويسأله أن يشد بك عضده، ويجمع بك أمره، إنه لطيف لما يشاء.
وكتب بكر بن المعتمر بين يدي بإملائي في شوال سنة اثنتين وتسعين ومائة [3] .
وكتب إلى صالح أخيه:
إذا ورد عليك كتابي هذا عند وقوع/ ما قد سبق من علم الله، ونفذ من قضائه في خلفائه وأوليائه، وجرت به سنته في الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، فقال تعالى:
كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 28: 88 [4] فاحمد الله على ما صار إليه