أخبرنا المحمدان: ابن ناصر، وابن عبد الباقي قَالا: حَدَّثَنَا حَمَدُ [1] بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زكريا [2] الغلابي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَانِي فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لو أرسلت [3] إليّ أتيتك. فقال: ويحك! قد حَكَّ فِي نَفْسِي شَيْءٌ، فَانْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ.
فَقُلْتُ/: هُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. فَقَالَ: امْضِ بِنَا إِلَيْهِ. فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَخَرَجَ [4] مُسْرِعًا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ. فَحَدَّثَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: عَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَبَا الْعَبَّاس، اقْضِ دَيْنَهُ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ: مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا، انْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ. قُلْتُ: هُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ. قَالَ: امْضِ بِنَا إِلَيْهِ. فَأَتَيْنَاهُ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ:
أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَخَرَجَ مُسْرِعًا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ [5] .
قَالَ: خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ له. فحادثه ساعة، ثُمَّ قَالَ: هَلْ عَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَبَا عَبَّاسٍ، اقْضِ دَيْنَهُ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ: مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا، انْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ. قُلْتُ: هُنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ. قَالَ: مُرَّ بِنَا إِلَيْهِ. فَأَتَيْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَتْلُو آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، يُرَدِّدُهَا، فَقَالَ: اقْرَعِ الْبَابَ. فَقَرَعْتُ الْبَابَ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: مَا لِي وَلأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَمَا عَلَيْكَ طَاعَةٌ، أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ/ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لَيْسَ للْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» ؟ فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ ثُمَّ ارْتَقَى إِلَى الْغُرْفَةِ، فَأَطْفَأَ الْمِصْبَاحَ، ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت، فدخلنا فجعلنا