وقد روي لنا من طريق آخر أنه لقيه بالمسعى [1] ، فأخذ بلجام دابته فأهوى الأجناد إِلَيْهِ، فكفهم عنه الرشيد، فكلمه، فإذا دموع الرشيد تسيل على معرقة دابته، ثم انصرف.
وإنه لقيه مرة فَقَالَ: يا هارون، فعلت وفعلت. فجعل يسمع منه ويقول:
مقبول منك يا عم، على الرأس والعين [2] . فقال لَهُ: يا أمير المؤمنين، حال الناس كيت وكيت. / فقال: عن غير علمي وأمري.
وخرج العمري إلى الرشيد مرة ليعظه، فلما نزل الكوفة زحف العسكر، حتى لو [كان] [3] نزل بهم مائة ألف من العدو وما زادوا على هيئته، ثم رجع ولم يصل إِلَيْهِ.
توفي العمري بالمدينة في هذه السنة، وهو ابن ست وستين سنة.
[4] .
أدرك التابعين، وتشاغل بالتعبد، وكان ابن المبارك يسميه عروس الزهاد.
وقال ابن المهدي: ما رأيت مثْلَه.
وقال يحيى بن سعيد القطان: ما رأيت أفضل منه، وكان كأنه قد عاين.
أخبرنا المحمدان: ابن ناصر، وابن عبد الباقي قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر [بن حبان] [5] الحافظ قَالَ: حدثنا أحمد بن عصام قَالَ: حدثني يوسف بن زكريّا قَالَ: كان محمد بن يوسف لا يشتري زاده من خباز واحد ولا من بقال واحد، قَالَ: لعلهم يعرفوني فيحابوني، فأكون ممن يعيش بدينه.
قال ابن عاصم: وأخبرنا عبد الرحمن بن عمر قَالَ: قال عبد الرحمن بن مهدي