أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إْبِرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدِ الْحَبَّالِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن الْجَرَّاح قَالَ: حدثنا محمد بن جعفر بن دران قَالَ: أخبرنا هارون بن عبد العزيز العباسي قَالَ: حدثنا محمد بن خلف بن حِبّان قال: حدثنا محمد بن إسحاق بْن عَبْد الرحمن البغوي قَالَ: سمعت سعيد بن سليمان يَقُولُ: كنت بمكة في رواق [1] الشطوي وإلى جنبي عَبْد الله بن عبد العزيز [العمري] [2] وقد حج هارون الرشيد، فقال لي إنسان: يا أبا عبد الرحمن، هو ذا أمير المؤمنين يسعى، قد أخلي له المسعى [3] . قَالَ/ العمري للرجل: لا جزاك الله عني خيرا، كلفتني أمرا كنت عنه غنيا. ثم تعلق نعليه وقام، فتبعته، فأقبل هارون [الرشيد] [4] من المروة [5] يريد الصفا، فصاح بِهِ: يا هارون قَالَ: فلما نظر إليه قال: لبيك يا عم. قال: ارق الصفا.
فلما رقيه قَالَ: ارم بطرفك [إلى البيت] [6] قَالَ: قد فعلت. قَالَ: كم هُمْ؟ قَالَ: ومن يحصيهم؟ قال: فكم في الناس مثلهم؟ قَالَ: خلق لا يحصيهم إلا الله، قَالَ: اعلم أيها الرجل أن كل واحد منهم يسأل عن حاجته نفسه، وأنت تسأل وحدك [7] عنهم كلهم، فانظر كيف تكون. قَالَ: فبكى هارون، وجلس وجعلوا يعطونه منديلا منديلا للدموع.
قال العمري: وأخرى أقولها [لك] [8] قَالَ: قل يا عم. قَالَ: والله إن الرجل ليسرع في ماله فيستحق الحجر عَلَيْهِ، فكيف بمن أسرع في مال المسلمين؟ ثم مضى وهارون يبكي.
قال محمد بن خلف: سمعت محمد بن عبد الرَّحْمَن يَقُولُ: بلغني أن هارون الرشيد قَالَ: إني لأحب أن أحج كل سنة ما يمنعني إلا رجل من ولد عمر، ثم يسمعني ما أكره.