خلوت بها ذكرت إخواني فتذهمت أن أنال شهوة لا ينالوها، وليس في يميني [1] ما يسعهم أخرج الجارية فبعها.

وفي معنى هذه الحكاية قول الشاعر: /

وتركي مواساة الأخلاء بالذي ... تنال يدي ظلم لهم وعقوق

وإني لأستحيي من الناس أن أرى ... بحال اتساع والصديق مضيق

قال الحاكم: وأخبرني أبو نصر الخفاف قَالَ: أخبرنا محمد بن المنذر قَالَ:

سمعت يعقوب [بْن إسحاق بن أيوب] [2] الشيباني يقول: سمعت أبي يحكي عن أَبِيهِ قَالَ: كان عبد الله بن المبارك يحج ومعه أحمال وصناديق وخدم [3] كثيرة، وكان مع بعض خدمه قبجة فلما ارتحلوا من المنزل قدم أثقالهم، فنظر صاحب القبجة إلى القبجة وهي ميتة، فألقاها على كناسة [4] ، وبقرب الكناسة باب صغير، وعبد الله قائم على دابته، ونظر إلى جويرية تخرج رأسها وترجع لتجد بذلك فرصة لكي لا يراها أحد، فتغافل عنها عبد اللَّه، فخرجت في إزارها [5] ليس عليها قميص ولا مقنعة، فحملت تلك القبجة، ودخلت الدار تعدو، فقال عبد اللَّه لغلام لَهُ: انزل واقرع هذا الباب. ونزل الغلام وفعل ما أمره بِهِ، فخرجت تلك الجارية، فسألها عبد الله عن حالها وقصتها وقصة القبجة الميتة، لماذا حملتها؟ فقالت: يا أبا عبد الله، أنا وأخت لي في هذه الحجرة ليس لنا في هذه الدنيا إلا هذا/ الإزار [الواحد] [6] وكان والدنا [7] رجلا موسرا [فمات] [8] فظلمنا وغصبنا على أموالنا، فبقينا بحال [9] تحل لنا [أكل] [10] الميتة، وليس في منزلنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015