أعطيه الأبريق، وأخرج مبادرا، فإذا سمعت حركته بادرت إِلَيْهِ فَقَالَ لي: مَا أخفك عَلَى قلبي يا غلام، ثُمَّ دخل قصرا فرأى حيطانه مملوءة من الشعر وإذا بخط [1] منفرد فقرأه فإذا هو:
وما لي لا أبكي وأندب ناقتي ... إذا صدر الرعيان نحو المناهل
وكنت إذا مَا أشتد شوقي رحلتها ... فسارت لمحزون طويل البلابل
وتحته مكتوب: أه أه، فلم يدر مَا هو، وفطنت لَهُ، فقلت: يَا أمير المؤمنين قال الشعر، ثم تأوّه فكتب تأوهه بْنفسه فَقَالَ لي: مالك قاتلك اللَّه، قَدْ أعتقتك ووليتك مكان ياسر.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: لم يزل الربيع وزير المنصور حَتَّى تُوُفِّيَ المنصور بمكة، فأخذ الرَّبِيع للمهدي البيعة، فشكر المهدي لَهُ ذلك، وجعله حاجبه، ولم يستوزره.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد/ بْن علي الصيرفي قال: 150/ أحدّثنا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن سالم الحافظ قَالَ: ذكروا أنه لم ير فِي الحجابة أعرق من الربيع، حاجب أبي جَعْفَر ومولاه، ثُمَّ صار وزيره، ثُمَّ حجب للمهدي، ومن ولده الفضل [بْن الربيع] [2] حجب هارون، ومحمد الأمين، وابْنه عباس بْن الفضل حجب الأمين، فعباس حاجب ابْن حاجب ابْن حاجب [3] .
وقد مدحهم أَبُو نواس فِي قوله:
سار الملوك ثلاثة مَا منهم ... إن حصلوا إلا أعز قريع
عباس عباس إذا اخترم الورى ... والفضل فضل والربيع ربيع
[تُوُفِّيَ الربيع في هذه السنة] [4] .