أيُّها الركب المعرسون، أكل هَذَا الليل ترقدون، ألا تقومون، فترحلون. فيسمع من هاهنا باك، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا قارئ، ومن هاهنا متوضئ. فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته: عند الصباح يحمد القوم السرى.
كَانَ من المتعبدين الفطناء أَخْبَرَنَا أَبُو بكر العامري قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الْغَفَّارِ بْن مُحَمَّد الشيروي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن باكويه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سَعِيد الأموي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سهل الكرماني قَالَ: حَدَّثَنَا يوسف بْن موسى المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام قَالَ:
سمعت يزيد بْن سَعِيد يَقُول: دخل سَعِيد بْن عَبْد العزيز عَلَى سليمان الخواص فَقَالَ لَهُ:
أراك فِي ظلمة، قَالَ: ظلمة القبر أشد من هَذَا. قَالَ: أراك وحدك. قَالَ: إن للصاحب عَلَى الصاحب حقا فخفت أن لا أقوم بحق صاحبي، قَالَ: فأخرج سَعِيد صرة فِيهَا شيء، فَقَالَ لَهُ: تنفق هَذَا، وأنا أحلها لك بين يدي اللَّه تعالى، إنه حلال. قَالَ: لا حاجة لي فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: رحمك اللَّه مَا ترى مَا الناس فِيهِ دعوة. قَالَ: فصرخ سليمان صرخة، ثُمَّ قَالَ: مالك يا سَعِيد فتنتني بالدنيا وتفتني بالدين، ما لي وللدعاء من أَنَا، فخرج سَعِيد، فأخبر بما كَانَ الأوزاعي، فَقَالَ الأوزاعي: دعوا سليمان، لو كَانَ سليمان من الصحابة كَانَ مثلا.
ولد بواسط سنة ثلاث ومائتين، ونشأ بها، وانتقل إِلَى البصرة، ورأى الحسن، وابن سيرين، وسمع قتادة، ويونس بْن عبيد، وأيوب السجستاني، وخالد الحذاء، وعبد الملك بن عمير، وأبا إسحاق/ السبيعي، وطلحة بن مصرف، ومنصور بن 110/ ب المعتمر، والأعمش وغيرهم.
وقد روى عنه: أيوب، والأعمش، وابن عيينة، وابن المهدي، وكان أكبر من سفيان الثوري بعشر سنين، وكان عالما حافظا للحديث صدوقا زاهدا متعبدا، عارفا بالشعر.