فلما صدر الناس عَنِ الموسم نفر أَبُو مسلم قبل [1] أبي جعفر فتقدمه، فأتاه كتاب بوفاة أبي الْعَبَّاس واستخلاف أبي جعفر، فكتب إِلَى أبي جعفر يعزيه ولم يهنئه بالخلافة، ولم يقم لَهُ حَتَّى يلحقه، فغضب أَبُو جعفر فَقَالَ لأبي أيوب: اكتب إِلَيْهِ كتابا غليظا. فلما أتاه كتاب أبي جعفر كتب إِلَيْهِ يهنئه بالخلافة. فَقَالَ يزيد بْن أبي أسيد السلمي لأبي جعفر: إني أكره أن تجامعه فِي الطريق والناس لَهُ أطوع، وليس معك أحد فأخذ برأيه، فكان يتأخر ويتقدم أَبُو مسلم، وما كَانَ فِي عسكر أبي جعفر غير ستة أدرع، فمضى أَبُو مسلم إِلَى الأنبار، ودعا عيسى بْن موسى أن يبايع لَهُ، فأبى عيسى، فقدم أَبُو جعفر فنزل الكوفة، فأتاه خروج عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ إِلَى الأنبار، وعقده لأبي مسلم وَقَالَ:

سر إِلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو مسلم: إن عَبْد الجبار بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وصالح بْن الهيثم يعيبانني فاحبسهما. فَقَالَ أَبُو جعفر: إن عَبْد الجبار على شرطي. وَكَانَ على شرط [2] أبي الْعَبَّاس وصالح بْن الهيثم أخو أمير المؤمنين من الرضاعة، فلم أكن لأحبسهما لظنك بهما. فَقَالَ: أراهما آثر عندك مني. فغضب أَبُو جعفر. فَقَالَ أَبُو مسلم: لم أرد كل هَذَا.

وَقَالَ رجل لأبي أيوب: إني قَدِ ارتبت بأبي مسلم، يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين فيقرأه، ثُمَّ يلوي شدقه، ويرمي بالكتاب إِلَى أبي نصر مالك بْن الهيثم فيقرأه ويضحك [3] استهزاء!؟ فَقَالَ أَبُو أيوب: نحن لأبي مسلم أشد تهمة منا لعَبْد الله بن علي، إلا أنا نعلم أن أَهْل خراسان لا يحبون عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ، وقد قتل منهم من قتل.

وَكَانَ أَبُو مسلم قَدْ أصاب من عسكر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ متاعا كثيرا وجوهرا كثيرا، فبعث أبو جعفر مولاه أبا الخصيب/ ليحصي ذلك، فغضب وافترى عليه، وهمّ بقتله، 3/ ب فقيل لَهُ: إنما هو رَسُول. فلما قدم به أَبُو الخصيب على أبي جعفر أخبره [4] .

وقيل: إنما بعث إِلَيْهِ يقطين بْن موسى بذلك، فَقَالَ أَبُو مسلم: يا يقطين، أمين على الدماء جائر فِي الأموال. وشتم أبا جعفر، فأبلغه يقطين، فكتب إِلَى أبي مسلم مَعَ يقطين: إني قَدْ وليتك مصر والشام، وهي خير من خراسان، فوجّه إلى مصر من أحببت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015