أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، قال: أخبرنا علي بن عيسى الْوَزِيرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْن بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي هَارُونُ بْنُ أبي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عمه عبد الله بن عَمْرٍو، قَالَ [1] :

أَقْحَمَتِ السُّنَّةُ النَّابِغَةَ- نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ- فَدَخَلَ عَلَى الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَأَنْشَدَهُ:

حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقُ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ مُعْدِمُ

وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ [2] فَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ صَبَاحًا حَالِكُ اللَّوْنِ مُظْلِمُ [3]

أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى يَجُوبُ بِهِ الدُّجَى ... دُجَى اللَّيْلِ جَوَّابُ الفلاة عشمشم [4]

لتجبر منه جانبا دغدغدت بِهِ [5] ... صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالزَّمَانُ الْمُصَمِّمُ

فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَوِّنْ عَلَيْكَ أَبَا لَيْلَى، فَإِنَّ الشِّعْرَ أهون وسائلك عندنا، أما صفوة مالنا فَلآلِ الزُّبَيْرِ، وَأَمَّا عَفْوَةُ فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ تَشْغِلُنَا عَنْكَ وَتَيْمَاءَ، وَلَكِنَّ لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ: حَقٌّ بِرُؤْيَتِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ بِشِرْكَتِكَ أَهْلِ الإِسْلامِ فِي فَيْئِهِمْ. ثم أخذ بيده فدخل به دار النّعم، فَأَعْطَاهُ قَلائِصَ سَبُعًا وَجَمَلا رَجِيلا [6] ، وَأَوْقَرَ لَهُ الرِّكَابَ بُرًّا وَتَمْرًا وَثِيَابًا، فَجَعَلَ النَّابِغَةُ يَسْتَعْجِلُ فَيَأْكُلُ الْحَبَّ صرفًا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَيْحَ أَبِي لَيْلَى، لَقَدْ بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدُ، فَقَالَ النَّابِغَةُ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا وُلِّيَتْ قُرَيْشٌ [فَعَدَلْت] [7] فَرَحَمَتْ وَاسْتُرْحِمَتْ فَرَحَمَتْ، وَحَدَّثَتْ فَصَدَقَتْ، وَوَعَدَتْ خَيْرًا فَأَنْجَزَتْ، فأنا والنبيون فرّاط القاصفين» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015