وكان السبب في ذلك أن يزيد لما عزل عمرو بن سعيد، وولى الوليد بن عتبة، قدم الوليد [المدينة] [2] فأخذ غلمانا لعمرو، نحوا من ثلاثمائة فحبسهم، فكلمه فيهم عمرو فأبى أن يخليهم، فخرج عمرو من المدينة وكتب إلى غلمانه: إني باعث إلى كل رجل منكم جملا وأداته، تناخ لكم بالسوق [3] ، فإذا أتاكم رسولي فاكسروا باب السجن، ثم ليقم كل رجل منكم إلى جمله فليركبه، ثم أقبلوا علي [4] .
ففعل ذلك، فقدم على يزيد، فرحب به وعاتبه على تقصيره في أشياء يأمره بها في ابن الزبير، فقال: يا أمير المؤمنين: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وإن جل أهل الحجاز مالوا إليه، ولم يكن معي جند أقوى عليه لو ناهضته، فكنت أداريه لأتمكن منه [5] ، مع أني قد ضيقت عليه، فجعلت على مكة وطرقها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتى يكتبوا لي اسمه واسم أبيه، وما جاء به، فإن كان ممن أرى أنه يريده رددته صاغرا، وقد بعثت الوليد وسيأتيك من عمله ما تعرف به فضل مبايعتي ومناصحتي.