قَالَ لَهُ: ثُمَّ قَالَ حُوَيْطِبٌ: أَمَا كَانَ أَخْبَرَكَ عُثْمَانُ مَا كَانَ لَقِيَ مِنْ أَبِيكَ حِينَ أَسْلَمَ؟

فَازْدَادَ مَرْوَانُ غَمًّا، ثُمَّ قَالَ حُوَيْطِبٌ: مَا كَانَ فِي قُرَيْشٍ أَحَدٌ مِنْ كُبَرَائِنَا الَّذِينَ بَقَوْا عَلَى دِينِ قَوْمِهِمْ إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ، كَانَ أَكْرَهَ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنِّي، وَلَكِنَّ الْمَقَادِيرَ. وَلَقَدْ شَهِدْتُ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَرَأَيْتُ عِبَرًا، رَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ تَقْتُلُ وَتَأْسِرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مَمْنُوعٌ، وَلَمْ أَذكر مَا رَأَيْتُ، فَانْهَزَمْنَا رَاجِعِينَ إلى مكة، 111/ ب فَأَقَمْنَا بِمَكَّةَ نُسْلِمُ رَجُلا رَجُلا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ حَضَرْتُ وَشَهِدْتُ/ الصُّلْحَ وَمَشِيتُ فِيهِ حَتَّى تَمَّ، وَكُلَّ ذَلِكَ أُرِيدُ الإِسْلامَ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا مَا يُرِيدُ، فَلَمَّا كَتَبْنَا صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ كُنْتُ أَنَا أَحَدَ شُهُودِهِ، قُلْتُ: لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوؤها، قَدْ رَضِيتُ أَنْ دَافَعْتُ بِالرَّاحِ.

فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْقَضِيَّةِ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ عَنْ مَكَّةَ، وَكُنْتُ فِيمَنْ تَخَلَّفَ فِي مَكَّةَ أَنَا وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ولات يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَضَى الْوَقْتُ، وَهُو ثَلاثٌ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الثَّلاثُ أَقْبَلْتُ أَنَا وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقُلْنَا: قَدْ مَضَى شَرْطُكَ فَاخْرُجْ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ بَلَدِنَا، فَصَاحَ: يَا بِلالُ لا تَغِيبُ الشَّمْسُ وَأَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا.

وَبِالإِسْنَادِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ، قَالَ: قَالَ حُوَيْطِبٌ [1] : لَمَّا دَخَلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة عَامَ الْفَتْحِ خِفْتُ خَوْفًا شَدِيدًا، فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي وَفَرَّقْتُ عِيَالِي فِي مَوَاضِعَ يَأْمَنُونَ فِيهَا، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى حَائِطِ عَوْفٍ، فَكُنْتُ فِيهِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ هَرَبْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: أبا محمد، قلت:

لبيك، قال: ما لك، قُلْتُ: الْخَوْفُ، قَالَ: لا خَوْفَ عَلَيْكَ تَعَالَى أَنْتَ آمِنْ بِأَمَانِ اللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى مَنْزِلِكَ، قُلْتُ: وَهَلْ سَبِيلٌ إِلَى مَنْزِلِي، وَاللَّهِ مَا أَرَانِي أَصِلُ إِلَى بَيْتِي حَيًّا حَتَّى أُلْقَى فَأُقْتَلَ أَوْ يُدْخَلَ عَلَيَّ فِي مَنْزِلِي فَأُقْتَلُ وَإِنَّ عِيَالِي فِي مَوَاضِعَ شَتَّى، قَالَ: فَاجْمَعْ عِيَالَكَ مَعَكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَأَنَا أَبْلُغُ مَعَكَ منزلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015