( ... أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما؛ فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولاً في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)) (?) ، وفي رواية لمسلم: ((لا يزال أهل الغرب)) (?) .
والنبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية؛ فغربه ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها، فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية؛ إذ كل بلد له شرق وغرب، ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون: سافر إلى الشرق، وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل الغرب ويسمون نجد والعراق أهل الشرق ...
... ومن يتدبر أحوال العالم في هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام: علما، ً وعملاً، وجهاداً من شرق الأرض وغربها؛ فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب ومغازيهم مع النصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم؛ كالإسماعيلية ونحوهم من القرامطة معروفة معلومة قديماً وحديثاً، والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم ...