وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَلَقِيَ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ الإِمَامَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّرْقِيَّ، وَأَبَا حَامِدِ بْنِ بِلالٍ الْبَزَّارَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ شَيْئًا، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ الْمَجْدَابَاذِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْخَلِيلِ الْقَطَّانِ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِمَسْمُوعِهِ مِنْهُمَا، رَوَى عَنْ أَلْفِ شَيْخٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ عَلَى قُرَّاءِ وَقْتِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى الإِمَامِ أَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، وَالأُسْتَاذِ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكِيِّ، وَاخْتَصَّ بِصُحْبَةِ إِمَامِ وَقْتِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الضُّبَعِيِّ، فَكَانَ فِي الْخَوَاصِّ عِنْدَهُ وَالْمَرْمُوقِينَ، وَكَانَ يُرَاجِعُهُ فِي السُّؤَالِ عَنِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَعَلَّلَ الْحَدِيثَ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى أَقْرَانِهِ، وَأَدَّى اخْتِصَاصُهُ بِهِ وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ مَدْرَسَةِ دَارِ السُّنَّةِ وَفَوَّضَ إِلَيْهِ تَوْلِيَةَ أَوْقَافِهِ، وَاسْتَظَلَّ بِرَأْيِهِ فِي أُمُورِهِ اعْتِمَادًا عَلَى حُسْنِ دِيَانَتِهِ وَوُفُورِ أَمَانَتِهِ، وَجَرَتْ لَهُ مُذَاكَرَاتٌ وَمُحَاوَرَاتٌ مَعَ الْحُفَّاظِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ابْن الْجِعَابِيِّ بِالْعِرَاقِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظِ الْمَاسَرْجِسِيِّ، الَّذِي كَانَ أَحْفَظَ زَمَانِهِ، وَأَخَذَ فِي التَّصْنِيفِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، فَاتَّفَقَ لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ مَا لَعَلَّهُ يَبْلُغُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ تَخْرِيجِ الصَّحِيحَيْنِ وَالْعِلَلِ وَالتَّرَاجِمِ وَالأَبْوَابِ وَالشُّيُوخِ.
رَحَلَ إِلَى الْعِرَاقِ أَوَّلا سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَإِلَى بِلادِ خُرَاسَانَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلَقِيَ مِنْ مَشَايِخِ التَّصَوُّفِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ: أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْبُوشَنْجِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ، بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَمْرٍو الزَّجَّاجِيُّ، بِالْحِجَازِ،