فما أخذتم من هؤلاء القوم؟ فقال له: حياك الله. هلم فاعزل إبلك. فقال: والله ما أعرفها وبنو أخي وأهل بيتي قد أمرتهم بالركوب وهم في إثرى، وهو أعلم بها مني. فبينا هم كذاك إذ طلع فوارس بني كلاب فاستقبلهم حنظلة في فوارس معه، فقال لهم أنس: إنما هم بني وبنو أخي وإنما بريتهم لنلاحق جماعة فوارس بني كلاب. فلحقوا فقتلوه الحوثرة ابن قيس الكلابي حنظلة بن الحارث وحمل لأم ابن سلمة من بني ثعلبة على الحوثرة فأسره، فدفعه إلى عتيبة فقتله صبراً، وهزم الكلابيون، ومضى بنو ثعلبة بالإبل، وفيها إبل، وفيها إبل أنس بن عباس، ثم أتبعهم أنس طمعاً في أبله، فوافق عتيبة، فأخذه عتيبة أسيراً، وأتى به أصحابه، فافتدى أنس نفسه بمائتي بعير. ففي ذلك قال عباس بن مرداس الأبيات المتقدمة. فقال عتيبة في عتابه:
غدرتم غدرة وغدرت أخرى ... فليس إلى توافينا سبيل
فإنكم عداة بني كلاب ... تفاقدتم، علي لكم دليل
دعا عليهم بأن يفقد بفقد بعضهم بعضاً.
وقال مالك بن نويرة لما أبى عتيبة أن يدفع إليهم أنسا يقتلونه، فمن عليه مالك بدفع ابن عبيد الحوثرة إليه:
ونحن ثأرنا قبلها يا ابن أمه ... غداة الكلابين والخيل سهد
فجسنا به فسرا إليك تقوده ... وأنت ضعيف الصوت قلبك يرعد
فنادى الذليل لا نازع رأسه ... وقلنا لك أقفلته وقد كدت تبلد
وقال أبو يعقوب إسحاق بن حسان الخريمي يعاتب عثمان بن خريم مولاه:
لعمر أبيك يامي إنني ... لذو أنف آب لما لم أعود
وإني ليعديني التكرم والحجا ... على ظلم ذي القربى إذا لم أسود