قال (ابن الحباب) ثم عاد إلي فقال: ما الخبر؟! قلت له: القوم كثير فناجزهم، فلا صبر لهذه العصابة على ذلك الجمع الكثير. قال: نصبح إن شاء الله ونحاكمهم إلى ظباء السيوف وأطرف القنا. فقلت: أنا منخذل عنك بثلث الناس غداً. فلما التقوا كانت على أصحاب إبراهيم أول النهار، فأرسل أصحاب المختار الطير، فتصايح الناس: الملائكة! الملائكة!، فتراجعوا، ونكس عمير بن

الحباب رايته، ونادى: يا لثارات المرج، وانخذل بالمسيرة كلها وفيها قيس. واقتتل الناس إلى الليل، وفنى أصحاب زياد. وقال ابن الأشتر: لقد ضربت رجلا على شاطئ النهر فرجع إلى سيفي، وفيه رائحة المسك. ورأيت إقداماً وجرأة، فصرعته، فذهب يداه قبل المشرق، ورجلاه قبل المغرب، فانظروه. فأتى بالنيران فإذا هو عبيد الله بن زياد.

وعبيد الله بن زياد ابن أمة تدعى مرجانة. وكان المختار دفع إلى قوم من خاصته حماماً بيضاً وقال: إن رأيتم الأمر لنا فدعوها، وإن كان علينا فأرسلوها. وقال للناس: أن استقمتم فبنصر الله وإن حضتم حيضة، فإني أجد في محكم الكتاب وفي اليقين والصواب أن الله مؤيدكم بملائكة عصاب تأتي في صور الحمام دوين السحاب.

وكان السليك من أشد فرسان العرب وأنكرهم وأدل الناس بالأرض وأجودهم عدوا على رجليه، لا تلحق به الخيل، وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، فأما الهيبة فلا هيبة. وهو ابن أمة. وقال له بنو عوف بن كنانة حين كبر أرأيت أن ترينا ما بقي من أحصارك. قال: نعم ابغوني أربعين شابا، وابغوني درعاً ثقيلة، فأخذها ولبسها فخرج بالشباب حتى إذا كان على رأس ميل أقبل يحصر فلاث العدو لوثا، واهتضموا في حلبتيه، ولم يصبحوه إلا قليلا فجاء يحصر مثيرا بحيث لا يرونه، وجاءت الدرع تخفق في عنقه كأنها خرقة.

وقال عنترة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015