وأما كونه لا يجوز أن يبيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه فلما روى حكيم بن حزام أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل يأتيني يلتمس مني ما ليس عندي فأمضي إلى السوق فأشتريه ثم أبيعه منه. فقال: لا تبع ما ليس عندك» (?) رواه الترمذي. وقال: حديث صحيح.
قال: (ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يُقسم كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها إلا المساكن وأرضاً من العراق فتحت صلحاً وهي الحيرة وأُلَّيْس وبانقيا وأرض بني صلوبا؛ لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها. وتجوز إجارتها، وعن أحمد أنه كره بيعها وأجاز شراءها).
أما كون بيع ما فتح عنوة ولم يقسم كأرض الشام والعراق ومصر غير المساكن لا يصح على المذهب فلما ذكره المصنف من أن عمر رضي الله عنه وقفها (?). روي ذلك في قصص اشتهرت عنه.
وأما قوله رحمه الله: ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها فجواب عن إشكال مقدر لأنه لما قال: وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها توجه لقائل أن يقول: الإجارة يجب تقدير مدتها فأشار إلى الفرق من حيث إن عموم المصلحة موجود هنا بخلاف ما إذا أجر إنسان ملكه. فأطلق عمر رضي الله عنه المدة لذلك.
وأما كون بيع المساكن مما فتح عنوة ولم يقسم يصح فـ «لأن الصحابة اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر وبنوها مساكن وتبايعوها» من غير نكير فكان إجماعاً.
وأما كون بيع الأراضي التي سماها المصنف رحمه الله من الحيرة ... إلى آخره يصح؛ فلما أشار إليه من أنها فتحت صلحاً لا عنوة.