لمَّا وجب في حرف العِلَّة أن يكون على حسب ما قبله إذا انكسر أو انضمَّ، فتقول: ايتَبَسَ ومُوتَبِسٌ، حملوا الفتح على الكسر والضمِّ، فجعلوا حرف العِلَّة إذا كان ما قبله مفتوحًا ألفًا. فيكون موافقًا للحركة التي تقدَّمته، كما كان ذلك في حين انكسار ما قبله وانضمامه. ولهذه العِلَّة بنفسها قُلبت الواو ألفًا في مثل "ياتَعِدُ" من الوعد. أعني أنه حُملَ الفتح على الكسر والضمِّ في مثل: ايتَعَدَ ومُوتَعِد.
وأُبدلت من الياء1 على غير اطِّراد، في قولهم: ثِنتانِ. ويَدلُّ على أنها من الياء أنها من "ثَنَيتُ"؛ لأنَّ الاثنين قد ثُنِيَ أحدهما إلى صاحبه. وأصله "ثَنَيٌ". يدلُّ على ذلك جمعُهم إيَّاه على أثناء بمنزلة أبناء وآخاء. فنقلوه من "فَعَلٍ" إلى "فِعْلٍ"، كما فعلوا ذلك2 في بِنْتٍ.
وأَبدلوا من الياء في: كَيْتَ وكَيْتَ وذَيْتَ وذَيْتَ، وأصلهما: كَيَّة وكَيَّة وذَيَّة وذَيَّة. ثمَّ إنَّهم حذفوا التاء3 وأبدلوا من الياء التي هي لامٌ تاءً.
وأُبدلت من السين على غير اطِّراد في سِتٍّ [في العدد] 4. وأصله "سِدْسٌ"، بدليل قولهم في الجمع: أَسداس، وفي التصغير: سُدَيسَةٌ5. وسيُذكر السبب في ذلك في الإدغام6.
وقد أَبدلوها أيضًا من السين في الناس وأكياس. أنشد أحمد بن يحيى7:
يا قاتَلَ اللهُ بَنِي السِّعلاةِ ... عَمرِو بنِ يَربُوعٍ شِرارِ النَّاتِ
غَيرِ أَعفَّاءَ ولا أَكياتِ
وإنَّما أُبدِلت من السين لموافقتها إيَّاها في الهمس8، والزيادة وتجاور المخرج.
وأُبدِلت أيضًا منها في طَسٍّ فقالوا: طَسْتٌ. وإنَّما جُعلت التاء في طَسْت بدلًا [من السين] 9.