فإِنَّ القَوافِيْ يَتَّلِجْنَ مَوالجًِا ... تَضايَقُ, عَنها, أن تَوَلَّجَها الإِبَرْ
وقال سُحيمٌ1:
وما دُمْيةٌ, مِن دُمَى مَيْسَنا ... نَ, مُعْجِبةٌ نَظَرًا واتِّصافا [37 أ] .
والسبب في قلب الواو في ذلك تاءً أنهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياءً، إذا انكسر ما قبلها، فيقولوا:2 ايْتَعدَ3 وايْتَزنَ وايْتَلَجَ، وإذا انضمَّ ما قبلها رُدَّت للواو فيقولون: مُوتَعِدٌ ومُوتَزِنٌ ومُوتَلِجٌ، وإذا انفتح ما قبلها قُلبت ألفًا فيقولون: ياتَعِدُ وياتَزِنُ وياتَلِجُ. فأبدلوا منها التاء؛ لأنها حرف جلدٌ لا يَتغيَّرُ لِما قبله، وهي مع ذلك4 قريبةُ المخرجِ من الواو؛ لأنَّها من أصول الثنايا والواو من الشفة.
فإن5 قلت: إنَّ التاء بدل من ... 6 وهي قريبة منها. فالجواب أنها ليست من حروف البدل. فلذلك لم تدل منها. ومن العرب من يجريها على القلب ولا يُبدِلها تاء7.
فهذا جميع ما أُبدلت فيه الواو تاء.
وأُبدلت من الياء على قياس، في "افتَعَلَ"، إذا كانت فاؤه ياءً، وفيما تَصَرَّف منه. فقالوا في "افتَعَلَ" من اليُسرِ: اتَّسَرَ، ومن اليُبس: اتَّبَسَ8. والعِلَّة في ذلك ما ذكرناه في الواو، من عدم استقرار الفاء على صورة واحدة؛ لأنك تقلبها واوًا إذا انضمَّ ما قبلها نحو: مُوتَسِر ومُوتَبِس، وألفًا9 متى انفتحَ ما قبلها في نحو: ياتَسِرُ وياتبِسُ. فأبدلوها تاء لذلك، وأَجروها مُجرى الواو. ومن العرب من لا يُبدِلها تاء، بل يُجريها على القلب.
فإن10 قال قائل: فلأيِّ شيء قُلبت الياء في مثل "ياتَسِرُ" إذا انفتح ما قبلها؟ فالجواب أنه